" صفحة رقم ٢١٨ "
: ( إذا ذكرها ). ومن يتمحل له يقول : إذا ذكر الصلاة فقد ذكر الله، أو بتقدير حذف المضاف أي لذكر صلاتي أو لأن الذكر والنسيان من الله عز وجل في الحقيقة انتهى. وفي الحديث بعد قوله :( فليصلها إذا ذكرها ) قوله ( إذ لا كفارة لها إلاّ ذلك ) ثم قرأ ) يُوحَى إِنَّنِى أَنَا ). وقرأ السلمي والنخعي وأبو رجاء : للذكري بلام التعريف وألف التأنيث، فالذكرى بمعنى التذكرة أي لتذكيري إياك إذا ذكرتك بعد نسيانك فأقمها. وقرأت فرقة لِذِكْرَى بألف التأنيث بغير لام التعريف. وقرأت فرقة : للذكر.
ولما ذكر تعالى الأمر بالعبادة وإقامة الصلاة ذكر الحامل على ذلك وهو البعث والمعاد للجزاء
طه :( ١٥ ) إن الساعة آتية.....
فقال ) إِنَّ السَّاعَةَ ءاتِيَةٌ ( وهي التي يظهر عندها ما عمله الإنسان وجزاء ذلك إما ثواباً وإما عقاباً. وقرأ أبو الدرداء وابن جبير والحسن ومجاهد وحميد أَخْفِيها بفتح الهمزة ورويت عن ابن كثير وعاصم بمعنى أظهرها أي إنها من صحة وقوعها وتيقن كونها تكاد تظهر، ولكن تأخرت إلى الأجل المعلوم وتقول العرب : خفيت الشيء أي أظهرته. وقال الشاعر : خفاهن من إيقانهن كأنما
خفاهن ودق من عشي مجلب
وقال آخر فإن تدفنوا الداء لا نخفه
وإن توقدوا الحرب لا نقعد
ولام ) لِتُجْزَى ( على هذه القراءة متعلقة بأخفيها أي أظهرها ) لِتُجْزَى ( كل نفس. وقرأ الجمهور ) أُخْفِيهَا ( بضم الهمزة وهو مضارع أخفي بمعنى ستر، والهمزة هنا للإزالة أي أزلت الخفاء وهو الظهور، وإذا أزلت الظهور صار للستر كقولك : أعجمت الكتاب أزلت عنه العجمة. وقال أبو علي : هذا من باب السلب ومعناه، أزيل عنها خفاءها وهو سترها، واللام على قراءة الجمهور. قال صاحب اللوامح متعلقة بآتية كأنه قال ) إِنَّ السَّاعَةَ ءاتِيَةٌ ( لنجزي انتهى، ولا يتم ذلك إلاّ إذا قدرنا ) أَكَادُ أُخْفِيهَا ( جملة اعتراضية، فإن جعلتها في موضع الصفة لآتية فلا يجوز ذلك على رأي البصريين لأن أسم الفاعل لا يعمل إذا وصف قبل أخذ معموله. وقيل :) أُخْفِيهَا ( بضم الهمزة بمعنى أظهرها فتتحد القراءتان، وأخفى من الأضداد بمعنى الإظهار وبمعنى الستر. قال أبو عبيدة : خفيت وأخفيت بمعنى واحد وقد حكاه أبو الخطاب وهو رئيس من رؤساء اللغة لا شك في صدقه و ) أَكَادُ ( من أفعال المقاربة لكنها مجاز هنا، ولما كانت الآية عبارة عن شدة إخفاء أمر القيامة ووقتها وكان القطع بإتيانها مع جهل الوقت أهيب على النفوس بالغ في إبهام وقتها فقال ) أَكَادُ أُخْفِيهَا ( حتى لا تظهر ألبتة، ولكن لا بد من ظهورها. وقالت فرقة ) أَكَادُ ( بمعنى أريد، فالمعنى أريد إخفاءها وقاله الأخفش وابن الأنباري وأبو مسلم. قال أبو مسلم : ومن أمثالهم لا أفعل ذلك : ولا أكاد أي لا أريد أن أفعله. وقالت فرقة : خبر كاد محذوف تقديره ) أَكَادُ ( أتى بها لقربها وصحة وقوعها كما حذف في قول صابيء البرجمي : هممت ولم أفعل وكذت وليتني
تركت على عثمان تبكي حلائله
أي وكدت أفعل. وتم الكلام ثم استأنف الإخبار بأنه يخفيها واختاره النحاس. وقالت فرقة : معناه ) أَكَادُ أُخْفِيهَا ( من نفسي إشارة إلى شدة غموضها عن المخلوقين وهو مروي عن ابن عباس.
ولما رأى بعضهم قلق هذا القول قال معنى من نفسي : من تلقائي ومن عندي. وقالت فرقة ) أَكَادُ ( زائدة لا دخول لها في المعنى بل الإخبار أن الساعة آتية


الصفحة التالية
Icon