" صفحة رقم ٢٤٧ "
ولما حذر تعالى من الطغيان فيما رزق وحذر من حلول غضبه فتح باب الرجاء للتائبين
طه :( ٨٢ ) وإني لغفار لمن.....
وأتى بصيغة المبالغة وهي قوله ) وَإِنّى لَغَفَّارٌ لّمَن تَابَ ( قال ابن عباس من الشرك ) وَامَنَ ( أي وحد الله ) وَعَمِلَ صَالِحَاً ( أدى الفرائض ) ثُمَّ اهْتَدَى ( لزم الهداية وأدامها إلى الموافاة على الإسلام. وقيل : معناه لم يشك في إيمانه. وقيل : ثم استقام. قال ابن عطية : والذي تقوى في معنى ) ثُمَّ اهْتَدَى ( أن يكون ثم حفظ معتقداته من أن يخالف الحق في شيء من الأشياء، فإن الاهتداء على هذا الوجه غير الإيمان وغير العمل. وقال الزمخشري : الاهتداء هو الاستقامة والثبات على الهدى المذكور وهو التوبة والإيمان والعمل الصالح، ونحوه :) إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواْ ( وكلمة التراخي دلت على تباين المنزلتين دلالتها على تباين الوقتين في جاءني زيد ثم عمر، وأعني أن منزلة الاستقامة على الخبر مباينة لمنزلة الخبر نفسه لأنها أعلى منه وأفضل.
( وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يامُوسَى مُوسَى قَالَ هُمْ أُوْلاء عَلَى أَثَرِى وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبّ لِتَرْضَى قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِىُّ فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ ياقَوْمِ قَوْمٌ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مّن رَّبّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِى قَالُواْ ).
طه :( ٨٣ - ٨٤ ) وما أعجلك عن.....
لما نهض موسى عليه السلام ببني إسرائيل إلى جانب الطور الأيمن حيث كان الموعد أن يكلم الله موسى بما فيه شرف العاجل والآجل، رأى على وجه الاجتهاد أن يقدم وحده مبادراً إلى أمر الله وحرصاً على القرب منه وشوقاً إلى مناجاته، واستخلف هارون على بني إسرائيل وقال لهم موسى : تسيرون إلى جانب الطور فلما انتهى موسى عليه السلام وناجى ربه، زاده في الأجل عشراً وحينئذ وقفه على استعجاله دون القوم ليخبره موسى أنهم على الأثر فيقع الإعلام له بما صنعوا ) وَمَا ( استفهام أي أي شيء عجل بك عنهم. قال الزمخشري : وكان قد مضى مع النقباء إلى الطور على الموعد المضروب ثم تقدمهم شوقاً إلى كلام ربه وينجز ما وعد به بناء على اجتهاده، وظن أن ذلك أقرب إلى رضا الله، وزال عنه أنه عز وجل ما وقت أفعاله إلا نظراً إلى دواعي الحكمة وعلماً بالمصالح المتعلقة بكل وقت، فالمراد بالقوم النقباء انتهى.
والظاهر أن قوله عز وجل ) عَن قَومِكَ ( يريد به جميع بني إسرائيل كما قد بيّنا قبل لا السبعين. وقال الزمخشري : وليس يقول من جوز أن يراد جميع قومه وأن يكون قد فارقهم قبل الميعاد وجه صحيح ما يأباه قوله ) هُمْ أُوْلاء عَلَى أَثَرِى ( انتهى. ) وَمَا أَعْجَلَكَ ( سؤال عن سبب العجلة وأجاب بقوله ) هُمْ أُوْلاء عَلَى أَثَرِى وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبّ لِتَرْضَى ( لأن قوله ) وَمَا أَعْجَلَكَ ( تضمن تأخر قومه عنه، فأجاب مشيراً إليهم لقربهم منه إنهم على أثره جائين


الصفحة التالية
Icon