" صفحة رقم ٢٨١ "
القرآن إلى أنه سحر وأضغاث أحلام، وهو المعنى بقوله ) مِمَّا تَصِفُونَ ( وأبعد من ذهب إلى أنه التفات من ضمير الغيبة في ) فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ ( إلى ضمير الخطاب، ثم أخبر تعالى أن من في السموات والأرض ملك له فاندرج فيه من سموه بالصاحبة والولد ومن عنده هم الملائكة، واحتمل أن يكون معطوفاً على ) مِنْ ( فيكونون قدر اندرجوا في الملائكة بطريق العموم لدخولهم في ) مِنْ ( وبطريق الخصوص بالنص على أنهم من عنده، ويكون ) لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ( جملة حالية منهم أو استئناف إخبار، واحتمل أن يكون ومن عنده مبتدأ وخبره ) لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ( وعند هنا لا يراد بها ظرف المكان لأنه تعالى منزه عن المكان، بل المعنى شرف المكانة وعلو المنزلة، والظاهر أن قوله ) وَلَهُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ( استئناف إخبار بأن جميع العالم ملكه. وقيل : يحتمل أن يكون معادلاً لقوله ) وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ( كأنه يقسم الأمر في نفسه أي للمتخلفين هذه المقالة الويل،
الأنبياء :( ١٩ ) وله من في.....
ولله تعالى من في السموات والأرض انتهى.
والمراد أن الملائكة مكرمون منزلون لكرامتهم على الله منزلة المقرّبين عند الملوك على طريق التمثيل والبيان لشرفهم وفضلهم، ويقال : حسر البعير واستحسر كل وتعب وحسرته أنا فهو متعد ولازم، وأحسرته أيضاً وقال الشاعر : بها جيف الحسرى فإما عظامها
فبيض وأما جلدها فصليب
قال الزمخشري : فإن قلت : الاستحسار مبالغة في الحسور، وكان الأبلغ في وصفهم أن ينفي عنهم أدنى الحسور قلت : في الاستحسار بيان أن ما هم فيه يوجب غاية الحسور وأقصاه، وأنهم أخفاء لتلك العبادات الباهظة بأن يستحسروا فيما يفعلون انتهى.
الأنبياء :( ٢٠ ) يسبحون الليل والنهار.....
( يَسْبَحُونَ ( هم الملائكة بإجماع الأمة وصفهم بتسبيح دائم. وعن كعب : جعل الله لهم التسبيح كالنفس وطرف العين للبشر يقع منهم دائماً دون أن يلحقهم فيه سآمة، وفي الحديث :( إني لأسمع أطيط السماء وحق لها أن تئط ليس فيها موضع راحة إلا وفيه ملك ساجد أو قائم.
( أَمِ اتَّخَذُواْ الِهَةً مّنَ الاْرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ لَوْ كَانَ فِيهِمَا الِهَةٌ لا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ أَمِ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ ءالِهَةً قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ هَاذَا ذِكْرُ مَن مَّعِىَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِى بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ).
الأنبياء :( ٢١ ) أم اتخذوا آلهة.....
لما ذكر تعالى الدلائل على وحدانيته وأن من في السموات والأرض كلهم ملك له، وأن الملائكة المكرمين هم في خدمته لا يفترون عن تسبيحه وعبادته، عاد إلى ما كان عليه من توبيخ المشركين وذمهم وتسفيه أحلامهم و ) أَمْ ( هنا منقطعة تتقدر ببل والهمزة ففيها إضراب وانتقال من خبر إلى خبر، واستفهام معناه التعجب والإنكار أي ) اتَّخَذُواْ الِهَةً مّنَ الاْرْضِ ( يتصفون بالإحياء ويقدرون عليها وعلى الإماتة، أي لم يتخذوا آلهة بهذا الوصف بل اتخذوا آلهة جماداً لا يتصف بالقدرة على شيء فهي غير آلهة لأن من صفة الإله القدرة على الإحياء والإماتة.


الصفحة التالية
Icon