" صفحة رقم ٢٨٩ "
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى تزود لأخرى مثلها فكأن قد
وقول الآخر :
فقل للشامتين بنا أفيقوا
سيلقى الشامتون كما لقينا
والفاء في ) وَمَا جَعَلْنَا ( العطف قدّمت عليها همزة الاستفهام لأن الاستفهام له صد الكلام، دخلت على إن الشرطية والجملة بعدها جواب للشرط، وليست مصب الاستفهام فتكون الهمزة داخلة عليها، واعترض الشرط بينهما فحذف جوابه هذا مذهب سيبويه. وزعم يونس أن تلك الجملة هي مصب الاستفهام والشرط معترض بينهما وجوابه محذوف. قال ابن عطية : وألف الاستفهام داخلة في المعنى على جواب الشرط انتهى. وفي هذه الآية دليل لمذهب سيبويه إذ لو كان على ما زعم يونس لكان التركيب ) وَمَا جَعَلْنَا ( هم ) الْخَالِدُونَ ( بغير فاء، وللمذهبينن تقرير في علم النحو.
الأنبياء :( ٣٥ ) كل نفس ذائقة.....
( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ( تقدم تفسير هذه الجملة ) وَنَبْلُوكُم ( نختبركم وقدم الشر لأن الابتلاء به أكثر، ولأن العرب تقدم الأقل والأردأ، ومنه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات. وعن ابن عباس : الخير والشر هنا عام في الغنى والفقر، والصحة والمرض، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال. قال ابن عطية : هذان الأخيران ليسا داخلين في هذا لأن من هدى فلي هداه اختياراً ولا من أطاع. بل قد تبين خيره. والظاهر أن المراد من الخير والشر هنا كل ما صح أن يكون فتنة وابتلاء انتهى. وعن ابن عباس أيضاً بالشدة والرخاء أتصبرون على الشدة وتشكرون على الرخاء أم لا. وقال الضحاك : الفقر والمرض والغنى والصحة. وقال ابن زيد : المحبوب والمكروه، وانتصب ) فِتْنَةً ( على أنه مفعول له أو مصدر في موضع الحال، أو مصدر من معنى ) نبلوكم ( ) فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ( فنجازيكم على ما صدر منكم في حالة الابتلاء من الصبر والشكر، وفي غير الابتلاء. وقرأ الجمهور ) تُرْجَعُونَ ( بتاء الخطاب مبنياً للمفعول. وقرأت فرقة بالتاء مفتوحة مبنياً للفاعل. وقرأت فرقة بضم الياء للغيبة مبنياً للمفعول على سبيل الالتفات.
( وَإِذَا رَاكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَاذَا الَّذِى يَذْكُرُ الِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ ءايَاتِى فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ وَيَقُولُونَ مَتَى هَاذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ وَلَقَدِ اسْتُهْزِىء بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبّهِمْ مُّعْرِضُونَ أَمْ لَهُمْ الِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مّن دُونِنَا لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلاَ هُمْ مّنَّا يُصْحَبُونَ ( :
الأنبياء :( ٣٦ ) وإذا رآك الذين.....
قال السدّي ومقاتل : مرّ الرسول عليه الصلاة والسلام بأبي جهل وأبي سفيان، فقال أبو جهل : هذا نبي عبد مناف، فقال أبو سفيان : وما تنكرون أن يكون نبياً في بني عبد مناف، فسمعهما الرسول ( ﷺ ) ) فقال لأبي جهل :( ما تنتهي حتى ينزل بك ما نزل بعمك الوليد بن المغيرة، وأما أنت يا أبا سفيان فإنما قلت ما قلت حمية ) فنزلت.
ولما كان الكفار يغمهم ذكر آلهتهم بسوء شرعوا في الاستهزاء وتنقيص من يذكرهم على سبيل