" صفحة رقم ٣٠٦ "
نص سيبويه على أنه مصدر بمعنى الإقامة، وإن كان الأكثر الإقامة بالتاء وهو المقيس في مصدر أفعل إذا اعتلت عينه وحسن ذلك هنا أنه قابل ) وَإِيتَاء ( وهو بغير تاء فتقع الموازنة بين قوله ) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ( وقال الزجاج : فحذفت الهاء من إقامة لأن الإضافة عوض عنها انتهى. وهذا قول الفراء زعم أن تاء التأنيث قد تحذف للإضافة وهو مذهب مرجوح.
الأنبياء :( ٧٤ ) ولوطا آتيناه حكما.....
ولما ذكر تعالى ما أنعم على إبراهيم ما أنعم به على من هاجر معه فارًّا بدينه وهو لوط ابن أخيه وانتصب ) وَلُوطاً ( على الاشتغال والحكم الذي أوتيه النبوة. وقيل : حسن الفصل بين الخصوم في القضاء. وقيل : حفظ صحف إبراهيم، ولما ذكر الحكم ذكر ما يكون به وهو العلم و ) القَرْيَةِ ( سدوم وكانت قراهم سبعاً وعبر عنها بالواحدة لاتفاق أهلها على الفاحشة، وكانت من كورة فلسطين إلى حد السراة إلى حد نجد بالحجاز، قلب منها تعالى ستاً وأبقى منها زغر لأنها كانت محل لوط وأهله ومن آمن به أي ) وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ( أهل ) القَرْيَةِ ( أي خلصناه منهم أو من العذاب الذي حل بهم، ونسب عمل ) الْخَبَائِثَ ( إلى القرية مجازاً وهو لأهلها وانتصبْ ) الْخَبَائِثَ ( على معنى ) تَّعْمَلُ ( لأعمال أو الفعلات الخبيثة وهي ما ذكره تعالى في غير هذه السورة مضافاً إلى كفرهم بالله وتكذيبهم نبيه، وقوله ) أَنَّهُمْ ( يدل على أن التقدير من أهل القرية )
الأنبياء :( ٧٥ ) وأدخلناه في رحمتنا.....
وَأَدْخَلْنَاهُ فِى رَحْمَتِنَا ( أي في أهل رحمتنا أو في الجنة، سماها رحمة إذ كانت أثر الرحمة.
الأنبياء :( ٧٦ ) ونوحا إذ نادى.....
ولما ذكر تعالى قصة إبراهيم وهو أبو العرب وتنجيته من أعدائه ذكر قصة أبي العالم الإنسي كلهم وهو الأب الثاني لآدم لأنه ليس أحد من نسله من سام وحام ويافث، وانتصب ) نُوحاً ( على إضمار اذكر أي واذكر ) نُوحاً ( أي قصته ) إِذْ نَادَى ( ومعنى نادى دعا مجملاً بقوله ) أَنّى مَغْلُوبٌ ( فانتصر مفصلاً بقوله ) رَّبّ لاَ تَذَرْ عَلَى الاْرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً ( والكرب أقصى الغم والأخذ بالنفس، وهو هنا الغرق عبر عنه بأول أحوال ما يأخذ الغريق، وغرقت في بحر النيل ووصلت إلى قرار الأرض ولحقني من الغم والكرب ما أدركت أن نفسي صارت أصغر من البعوضة، وهو أول أحوال مجيء الموت.
الأنبياء :( ٧٧ ) ونصرناه من القوم.....
( وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ ( عداه بمن لتضمنه معنى ) نَجَّيْنَاهُ ( بنصرنا ) مِنَ الْقَوْمِ ( أو عصمناه ومنعناه أي من مكروه القوم لقوله ) أَفَمَنِ يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِن جَاءنَا ). وقال الزمخشري : هو نصر الذي مطاوعه انتصر، وسمعت هذلياً يدعو على سارق : اللهم انصرهم منه أي اجعلهم منتصرين منه، وهذا معنى في نصر غير المتبادر إلى الذهن. وقال أبو عبيدة ) مِنْ ( بمعنى على أي ) وَنَصَرْنَاهُ ( على ) الْقَوْمَ ( ) فَأَغْرَقْنَاهُمْ ( أي أهلكناهم بالغرق. و ) أَجْمَعِينَ ( تأكيد للضمير المنصوب وقد كثر التوكيد بأجمعين غير تابع لكلهم في القرآن، فكان ذلك حجة على ابن مالك في زعمه أن التأكيد بأجمعين قليل، وأن الكثير استعماله تابعاً لكلهم.
الأنبياء :( ٧٨ - ٧٩ ) وداود وسليمان إذ.....
( وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ( عطف على ) وَنُوحاً ). قال الزمخشري :) وَإِذَا ( بدل منهما انتهى. والأجود أن يكون التقدير واذكر ) دَاوُودُ وَسُلَيْمَانَ ( أي قصتهما وحالهما ) إِذْ يَحْكُمَانِ ( وجعل ابن عطية ) وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ( معطوفين على قوله ) وَنُوحاً ( معطوفاً على قوله ) وَلُوطاً ( فيكون ذلك مشتركاً في العامل الذي هو ) ءاتَيْنَا ( المقدرة الناصبة للوط المفسرة بآتينا فالتقدير وآتينا نوحاً وداود وسليمان أي آتيناهم ) حُكْماً وَعِلْماً ( ولا يبعد ذلك وتقدير اذكر قاله جماعة. وكان داود ملكاً نبياً يحكم بين الناس فوقعت هذه النازلة، وكان ابنه إذ ذاك قد كبر وكان يجلس على الباب الذي


الصفحة التالية
Icon