" صفحة رقم ٣١٠ "
) حَافِظِينَ ( أن يهيجوا أحداً في زمان سليمان. وقيل ) حَافِظِينَ ( حتى لا يهربوا. قيل : سخر في أمر لا يحتاج إلى حفظ لأنه لا يفسد ما عمل، وتسخير أكثف الأجسام لداود وهو الحجر إذ أنطقه بالتسبيح والحديد إذ جعل في أصابعه قوة النار حتى لان له الحديد، وعمل منه الزرد، وتسخير ألطف الأجسام لسليمان وهو الريح والشياطين وهم من نار. وكانوا يغوصون في المائ والماء يطفىء النار فلا يضرهم، دليل واضح على باهر قدرته وإظهار الضد من الضد وإمكان إحياء العظم الرميم، وجعل التراب اليابس حيواناً فإذا أخبر به الصادق وجب قبوله واعتقاد وجوده انتهى.
( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنّى مَسَّنِىَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرّ وَءاتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مّنَ الصَّابِرِينَ وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِى رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مّنَ الصَّالِحِينَ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِى الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَاهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ ).
الأنبياء :( ٨٣ - ٨٤ ) وأيوب إذ نادى.....
طوّل الأخباريون في قصة أيوب، وكان أيوب رومياً من ولد إسحاق بن يعقوب، استنبأه الله وبسط عليه الدنيا وكثر أهله وماله، وكان له سبع بنين وسبع بنات، وله أصناف البهائم وخمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد، لكل عبد امرأة وولد ونخيل، فابتلاه الله بذهاب ولده انهدم عليهم البيت فهلكوا وبذهاب ماله وبالمرض في بدنه ثمان عشرة سنة. وقيل دون ذلك فقالت له امرأته يوماً لو دعوت الله فقال لها : كم كانت مدة الرخاء ؟ فقالت : ثمانين سنة، فقال : أنا أستحي من الله أن أدعوه وما بلغت مدة بلائي مدة رخائي، فلما كشف الله عنه أحياء ولده ورزقه مثلهم ونوافل منهم. وروي أن امرأته ولدت بعد ستة وعشرين ابناً وذكروا كيفية في ذهاب ماله وأهله وتسليط إبليس عليه في ذلك الله أعلم بصحتها.
وقرأ الجمهور ) إِنّى ( بفتح الهمزة وعيسى بن عمر بكسرها إما على إضمار القول أي قائلاً ) إِنّى ( وإما على إجراء ) نَادَى ( مجرى قال وكسر إني بعدها وهذا الثاني مذهب الكوفيين، والأول مذهب البصريين و ) الضُّرُّ ( بالفتح الضرر في كل شيء، وبالضم الضرر في النفس من مرض وهزال فرق بين البناءين لافتراق المعنيين، وقد ألطف أيوب في السؤال حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة وذكر ربه بغاية الرحمة ولم يصرح بالمطلوب ولم يعين الضر الذي مسه.
واختلف المفسرون في ذلك على سبعة عشر قولاً أمثلها أنه نهض ليصلي فلم يقدر على النهوض، فقال ) مَسَّنِىَ الضُّرُّ ( إخباراً عن حالة لا شكوى لبلائه رواه أنس مرفوعاً، والألف واللام في ) الضُّرُّ ( للجنس تعم ) الضُّرُّ ( في البدن والأهل والمال. وإيتاء أهله ظاهره أن ما كان له من أهل رده عليه وأحياهم له بأعيانهم، وآتاه مثل أهله مع أهله من الأولاد والأتباع، وذكر أنه جعل له مثلهم عدة في الآخرة. وانتصب ) رَحْمَةً ( على أنه مفعول من أجله أي لرحمتا إياه ) وَذِكْرَى ( منا بالإحسان لمن عندنا أو ) رَحْمَةً ( منا لأيوب ) وَذِكْرَى ( أي موعظة لغيره من العابدين، ليصبروا كما صبر حتى يثابوا كما أثيب.
الأنبياء :( ٨٥ ) وإسماعيل وإدريس وذا.....
وقال أبو موسى الأشعري ومجاهد : كان ذو الكفل عبداً صالحاً ولم يكن نبياً. وقال الأكثرون : هو نبي فقيل : هو إلياس. وقيل : زكريا. وقيل : يوشع، والكفل لنصيب والحظ أي ذو الحظ من الله المحدود على الحقيقة. وقيل : كان له ضعف عمل الأنبياء في زمانه وضعف ثوابهم. وقيل : في تسميته ذا الكفل أقوال مضطربة لا تصح.
الأنبياء :( ٨٧ - ٨٨ ) وذا النون إذ.....
وانتصب ) مُغَاضِباً ( على الحال. فقيل : معناه غضبان وهو من المفاعلة التي لا تقتضي اشتراكاً، نحو : عاقبت اللص وسافرت. وقيل ) مُغَاضِباً ( لقومه أغضبهم بمفارقته وتخوفهم حلول العذاب، وأغضبوه حين دعاهم إلى الله مدة فلم يجيبوه فأوعدهم بالعذاب، ثم خرج من بينهم على عادة الأنبياء عند نزول العذاب قبل أن يأذن الله له في الخروج. وقيل ) مُغَاضِباً ( للملك حزقيا حين عينه لغزو ملك كان قد عاب في بني إسرائيل فقال له يونس : آلله أمرك بإخراجي ؟ قال :