" صفحة رقم ٣٤٩ "
لدلالة ) مُّعَطَّلَةٍ ( عليه انتهى.
( وَبِئْرٍ ( ) وَقَصْرٍ ( معطوفان على ) مِن قَرْيَةٍ ( ) وَمِنْ قَرْيَةٌ ( تمييز لكأين، ( وَكَأَيّن ( تقتضي التكثير، فدل ذلك على أنه لا يراد بقربه وبئر وقصر معين، وإن كان الإهلاك إنما يقع في معين لكن من حيث الوقوع لا من حيث دلالة اللفظ، وينبغي أن يكون ) بئر ( ) مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ ( من حيث عطفاً على ) مِن قَرْيَةٍ ( أن يكون التقدير أهلكتهما كما كان أهلكتها مخبراً به عن ) كأين ( الذي هو القرية من حيث المعنى. والمراد أهل القرية والبئر والقصر، وجعل ) عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ( معطوفين على ) عُرُوشِهَا ( جهل بالفصاحة ووصف القصر بمشيد ولم يوصف بمشيد كما في قوله في ) بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ( لأن ذلك جمع ناسب التكثير فيه، وهذا مفرد وأيضاً ) مَّشِيدٍ ( فاصلة آية.
وقد عين بعض المفسرين هذه البئر. فعن ابن عباس أنها كانت لأهل عدن من اليمن وهي الرس. وعن كعب الأحبار أن القصر بناه عاد الثاني وهو منذر بن عاد بن إرم بن عاد. وعن الضحاك وغيره : أن البئر بحضرموت من أرض الشحر، والقصر مشرف على قلة جبل لا يرتقى، والبئر في سفحه لا يقر الريح شيئاً يسقط فيها. روي أن صالحاً عليه السلام نزل عليها مع أربعة آلاف نفر ممن آمن به ونجاهم الله من العذاب. وهي بحضرموت، وسميت بذلك لأن صالحاً حين حضرها مات وثم بلدة عند البئر اسمها حاضوراً بناها قوم صالح وأمروا عليهم جليس بن جلاس، وأقاموا بها زمناً ثم كفروا وعبدوا صنماً، وأرسل إليهم حنظلة بن صفوان، وقيل : اسمه شريح بن صفوان نبياً فقتلوه في السوق فأهلكهم الله عن آخرهم وعطل بئرهم وخرب قصرهم. وعن الإمام أبي القاسم الأنصاري أنه قال : رأيت قبر صالح بالشام في بلدة يقال لها عكا فكيف يكون بحضرموت.
( أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى الاْرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ ءاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ لاَ تَعْمَى الاْبْصَارُ وَلَاكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مّمَّا تَعُدُّونَ وَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِىَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَىَّ الْمَصِيرُ قُلْ يأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَاْ لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ فَالَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ سَعَوْاْ فِىءايَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ).
الحج :( ٤٦ ) أفلم يسيروا في.....
لما ذكر تعالى من كذب الرسل من الأمم الخالية وكان عند العرب أشياء من أحوالهم ينقلونها وهم عارفون ببلادهم وكثيراً ما يمرون على كثير منها قال ) أَفَلَمْ يَسِيرُواْ ( فاحتمل أن يكون حثاً على السفر ليشاهدوا مصارع الكفار فيعتبروا، أو يكونوا قد سافروا وشاهدوا فلم يعتبروا فجعلوا كأن لم يسافروا ولم يروا. وقرأ مبشر بن عبيد : فيكون بالياء والجمهور بالتاء ) فَتَكُونُ ( منصوب على جواب الاستفهام قاله ابن عطية، وعلى جواب التقرير قاله الحوفي. وقيل : على جواب النفي، ومذهب البصريين أن النصب بإضمار إن وينسبك منها ومن الفعل مصدر يعطف على مصدر متوهم، ومذهب الكوفيين أنه منصوب على الصرف إذ معنى الكلام الخبر صرفوه عن الجزم على العطف على ) يَسِيرٌ (، وردوه إلى أخي الجزم وهو النصب هذا معنى الصرف عندهم، ومذهب الجرمي أن النصب بالفاء نفسها وإسناد العقل إلى القلب يدل على أنه محله، ولا ينكر أن للدفاع بالقلب اتصالاً يقتضي فساد العقل إذا فسد الدماغ ومتعلق ) يَعْقِلُونَ بِهَا ( محذوف أي ما حل بالأمم السابقة حين كذبوا أنبياءهم و ) يَعْقِلُونَ ( ما يجب من التوحيد، وكذلك مفعول ) يَسْمَعُونَ ( أي يسمعون أخبار تلك الأمم أو ما يجب سماعه من الوحي. والضمير في ) فَإِنَّهَا ( ضمير القصة وحسن التأنيث هنا ورجحه كون الضمير وليه فعل بعلامة التأنيث وهي التاء في ) لاَ تَعْمَى ( ويجوز في الكلام التذكير وقرأ به عبد الله فإنه لا تعمى.
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون ضميراً مبهماً يفسره ) الاْبْصَارِ ( وفي ) تَعْمَى ( راجع إليه انتهى. وما ذكره لا يجوز لأن الذي يفسره ما بعده محصور، وليس هذا واحداً منها وهو في باب رب وفي باب نعم. وبئس، وفي باب الأعمال، وفي باب البدل، وفي باب المتبدأ والخبر على خلاف في هذه الأربعة على ما قرر ذلك في أبوابه. وهذه الخمسة يفسر الضمير فيها المفرد وفي ضمير


الصفحة التالية
Icon