" صفحة رقم ٣٨١ "
للسبب، أي يحدث لكم بسبب سماعه استكبار وعتو. والجمهور على أن الضمير في ) بِهِ ( عائد على الحرم والمسجد وإن لم يجر له ذكر، وسوّغ هذا الإضمار شهرتهم بالاستكبار بالبيت وأنه لم تكن لهم معجزة إلاّ أنهم ولاته والقائمون به، وذكر منذر بن سعيد أن الضمير لرسول الله ( ﷺ ) ) ويحسنه أن في قوله ) تُتْلَى عَلَيْكُمْ ( دلالة على التالي وهو الرسول عليه السلام، وهذه أقوال تتعلق فيها بمستكبرين. وقيل تتعلق بسامراً أي تسمرون بذكر القرآن والطعن فيه، وكانوا يجتمعون حول البيت بالليل يسمرون، وكانت عامة سمرهم ذكر القرآن وتسميته سحراً وشعراً وسب من أتى به.
وقرأ الجمهور ) سَامِراً ( وابن مسعود وابن عباس وأبو حيوة وابن محيصن وعكرمة والزعفراني ومحبوب عن أبي عمر وسمراً بضم السين وشد الميم مفتوحة جمع سامر، وابن عباس أيضاً وزيد بن علي وأبو رجاء وأبو نهيك كذلك، وبزيادة ألف بين الميم والراء جمع سامر أيضاً وهما جمعان مقيسان في مثل سامر.
وقرأ الجمهور ) تَهْجُرُونَ ( بفتح التاء وضم الجيم. وروى ابن أبي عاصم بالياء على سبيل الالتفات. قال ابن عباس ) تَهْجُرُونَ ( الحق وذكر الله وتقطعونه من الهجر. وقال ابن زيد وأبو حاتم : من هجر المريض إذا هذى أي يقولون اللغو من القول. وقرأ ابن عباس وابن محيصن ونافع وحميد بضم التاء وكسر الجيم مضارع اهجر أي يقولون الهجر بضم الهاء وهو الفحش. قال ابن عباس : إشارة إلى السب للصحابة وغيرهم. وقرأ ابن مسعود وابن عباس أيضاً وزيد بن عليّ وعكرمة وأبو نهيك وابن محيصن أيضاً وأبو حيوة كذلك إلاّ أنهم فتحوا الهاء وشددوا الجيم وهو تضعيف من هجر ماضي الهجر بالفتح بمعنى مقابل الوصل أو الهذيان أو ماضي الهجر وهو الفحش. وقال ابن جني : لو قيل إن المعنى أنكم مبالغون في المجاهرة حتى أنكم إن كنتم سمراً بالليل فكأنكم تهجرون في الهاجرة على الاقتضاح لكان وجهاً.
( أَفَلَمْ يَدَّبَّرُواْ الْقَوْلَ أَمْ جَاءهُمْ مَّا لَمْ يَأْتِ ءابَاءهُمُ الاْوَّلِينَ أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءهُمْ بِالْحَقّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقّ كَارِهُونَ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرزِقِينَ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِراطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَإِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ عَنِ الصّراطِ لَنَاكِبُونَ وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مّن ضُرّ لَّلَجُّواْ فِى طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُواْ لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ).
المؤمنون :( ٦٨ - ٧٠ ) أفلم يدبروا القول.....
ذكر تعالى توبيخهم على إعراضهم عن اتباع الحق والقول القرآن الذي أتى به محمد ( ﷺ ) )، أي أفلم يتفكروا فيما جاء به عن الله فيعلموا أنه المعجز الذي لا يمكن معارضته فيصدقوا به وبمن جاء به، وبخهم ووقفهم على تدبره وأنهم بمكابرتهم ونظرهم الفاسد قال بعضهم سحر وقال بعضهم شعر، وهو أعظم الدلائل الباقية على غابر الدهر قرعهم أولاً بترك الانتفاع بالقرآن ثم ثانياً بأن ما جاءهم جاء آباءهم الأولين، أي إرسال الرسل ليس بدعاً ولا مستغرباً بل جاءت الرسل الأمم قبلهم، وعرفوا ذلك بالتواتر ونجاة من آمن واستئصال من كذب آباؤهم إسماعيل وأعقابه من عدنان وقحطان، وروي : لا تسبوا مضر، ولا ربيعة، ولا الحارث بن كعب، ولا أسد بن خزيمة، ولا تميم بن مرة ولا قساً وذكر أنهم


الصفحة التالية
Icon