" صفحة رقم ٣٩٠ "
عبيدة والكسائي والفراء : ضم السين من السخرة والاستخدام والكسر من السخر وهو الاستهزاء. ومنه قول الأعشى : إني أتاني حديث لا أسرّ به
من علو لا كذب فيه ولا سخر
وقال يونس : إذا أريد التخديم فضم السين لا غير، وإذا أريد الهزء فالضم والكسر. قال ابن عطية.
وقرأ أصحاب عبد الله وابن أبي إسحاق والأعرج بضم السين كل ما في القرآن. وقرأ الحسن وأبو عمرو بالكسر إلاّ التي في الزخرف فإنهما ضما السين كما فعل الناس انتهى. وكان قد قال عن أبي عليّ يعني الفارسي أن قراءة كسر السين أوجه لأنه بمعنى الاستهزاء، والكسر فيه أكثر وهو أليق بالآية ألا ترى قوله ) وَكُنْتُمْ مّنْهُمْ تَضْحَكُونَ ( انتهى قول أبي عليّ ثم قال ابن عطية : ألا ترى إلى إجماع القراء على ضم السين في قوله ) لّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً ( لما تخلص الأمر للتخديم انتهى. وليس ما ذكره من إجماع القراء على ضم السين في الزخرف صحيحاً لأن ابن محيصن وابن مسلم كسرا في الزخرف، ذكر ذلك أبو القاسم بن جبارة الهذلي في كتاب الكامل.
( فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً ( أي هزأة تهزوؤن منهم ) حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِى ( أي بتشاغلكم بهم فتركتم ذكري أي أن تذكروني فتخافوني في أوليائي، وأسند النسيان إلى فريق المؤمنين من حيث كان سببه.
المؤمنون :( ١١١ ) إني جزيتهم اليوم.....
وقرأ زيد بن عليّ وحمزة والكسائي وخارجة عن نافع ) إِنَّهُمْ هُمُ ( بكسر الهمزة وباقي السبعة بالفتح، ومفعول ) جَزَيْتُهُمُ ( الثاني محذوف تقديره الجنة أو رضواني. وقال الزمخشري : في قراءة من قرأ ) أَنَّهُمْ ( بالفتح هو المفعول الثاني أي ) جَزَيْتُهُمُ ( فوزهم انتهى. والظاهر أنه تعليل أي ) جَزَيْتُهُمُ ( لأنهم، والكسر هو على الاستئناف وقد يراد به التعليل فيكون الكسر مثل الفتح من حيث المعنى لا من حيث الإعراب لا ضطرار المفتوحة إلى عامل. و ) الْفَائِزُونَ ( الناجون من هلكة إلى نعمة.
المؤمنون :( ١١٢ ) قال كم لبثتم.....
وقرأ حمزة والكسائي وابن كثير ) قَالَ كَمْ ( والمخاطب ملك يسألهم أو بعض أهل النار، فلذا قال عبر عن القوم. وقرأ باقي السبعة قال. والقائل الله تعالى أو المأمور بسؤالهم من الملائكة. وقال الزمخشري : قال في مصاحف أهل الكوفة و ) قُلْ ( في مصاحف أهل الحرمين والبصرة والشام. وقال ابن عطية : وفي المصاحف قال فيهما إلاّ في مصحف الكوفة فإن فيه ) قُلْ ( بغير ألف، وتقدم إدغام باب لبثت في البقرة سألهم سؤال توقيف على المدة. وقرأ الجمهور ) عَدَدَ سِنِينَ ( على الإضافة و ) كَمْ ( في موضع نصب على ظرف الزمان وتمييزها عدد. وقرأ الأعمش والمفضل عن عاصم عدداً بالتنوين. فقال أبو الفضل الرازي صاحب كتاب اللوامح ) سِنِينَ ( نصب على الظرف والعدد مصدر أقيم مقام الأسم فهو نعت مقدم على المنعوت، ويجوز أن يكون معنى ) لَّبِثْتُمْ ( عددتم فيكون نصب عدداً على المصدر و ) سِنِينَ ( بدل منه انتهى. وكون ) لَّبِثْتُمْ ( بمعنى عددتم بعيد.
ولما سئلوا عن المدة التي أقاموا فيها في الأرض ويعني في الحياة الدنيا قاله الطبري وتبعه الزمخشري
المؤمنون :( ١١٣ ) قالوا لبثنا يوما.....
فنسوا الفرط هول العذاب حتى قالوا ) يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ( أجابوا بقولهم ) لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ( ترددوا فيما لبثوا قاله ابن عباس. وقيل : أريد بقوله ) فِى الاْرْضِ ( في جوف التراب أمواتاً وهذا قول جمهور المتأولين. قال ابن عطية : وهذا هو الأصوب من حيث أنكروا البعث، وكانوا قولهم أنهم لا يقومون من التراب قيل لهم لما قاموا ) كَمْ لَبِثْتُمْ ( وقوله آخراً ) وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ( يقتضي ما قلناه انتهى.
( فَاسْأَلِ الْعَادّينَ ( خطاب للذي سألهم. قال مجاهد :) الْعَادّينَ ( الملائكة أي هم الذين يحفظون أعمال بني آدم ويحصون عليهم ساعاتهم. وقال قتادة : أهل الحساب، والظاهر أنهم من يتصف بهذه الصفة ملائكة أو غيرهم لأن النائم والميت لا يعد فيتقدر له الزمان. وقال الزمخشري : والمعنى لا نعرف من عدد تلك السنين إلاّ أنا نستقله ونحسبه يوماً أو بعض يوم لما نحن فيه من العذاب، وما فينا أن يعدكم بفي فسئل من فيه أن يعد ومن يقدر أن


الصفحة التالية
Icon