" صفحة رقم ٣٩٩ "
وأصحابه، وكان مالك لا يلاعن عن إلاّ أن يقول : رأيتك تزنين أو ينفي حملاً بها أو ولد منها والأعمى يلاعن. وقال الليث : لا يلاعن إلاّ أن يقول : رأيت عليها رجلاً أو يكون استبرأها، فيقول : ليس هذا الحمل مني ولم تتعرض الآية في اللعان إلاّ لكيفيته من الزوجين. وقد أطال المفسرون الزمخشري وابن عطية وغيرهما في ذكر كثير من أحكام اللعان مما لم تتعرض له الآية وينظر ذلك في كتب الفقه.
وقرأ الجمهور ) أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ ( بالنصب على المصدر. وارتفع ) فَشَهَادَةُ ( خبراً على إضمار مبتدأ، أي فالحكم أو الواجب أو مبتدأ على إضمار الخبر متقدماً أي فعليه أن يشهد أو مؤخراً أي كافيه أو واجبه. و ) بِاللَّهِ ( من صلة ) شَهَادَاتٍ ( ويجوز أن يكون من صلة ) فَشَهَادَةُ ( قاله ابن عطية، وفرغ الحوفي ذلك على الأعمال، فعلى رأي البصريين واختيارهم يتعلق بشهادات، وعلى اختيار الكوفيين يتعلق بقوله ) فَشَهَادَةُ ). وقرأ الأخوان وحفص والحسن وقتادة والزعفراني وابن مقسم وأبو حيوة وابن أبي عبلة وأبو بحرية وأبان وابن سعدان ) أَرْبَعُ ( بالرفع خبر للمبتدإ، وهو ) فَشَهَادَةُ ( و ) بِاللَّهِ ( من صلة ) شَهَادَاتٍ ( على هذه القراءة، ولا يجوز أن يتعلق بفشهادة للفصل بين المصدر ومعموله بالجر ولا يجوز ذلك.
وقرأ الجمهور ) وَالْخَامِسَةَ ( بالرفع فيهما. وقرأ طلحة والسلمي والحسن والأعمش وخالد بن أياس ويقال ابن إلياس بالنصب فيهما. وقرأ حفص والزعفراني بنصب الثانية دون الأولى، فالرفع على الابتداء وما بعده الخبر، ومن نصب الأولى فعطف على ) أَرْبَعُ ( في قراءة من نصب ) أَرْبَعُ (، وعلى إضمار فعل يدل عليه المعنى في قراءة من رفع ) أَرْبَعُ ( أي وتشهد ) الخامسة ( ومن نصب الثانية فعطف على ) أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ ( وعلى قراءة النصب في ) الخامسة ( يكون ) حَمِيمٍ ءانٍ ( بعده على إسقاط حرف الجر، أي بأن، وجوّز أن يكون ) ءانٍ ( وما بعده بدلاً من ) الخامسة ). وقرأ نافع ) بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ( بتخفيف ) ءانٍ ( ورفع ) لَّعْنَةُ ( و ) أَنَّ غَضَبَ ( بتخفيف ) ءانٍ ( و ) غَضَبَ ( فعل ماض والجلالة بعد مرفوعة، وهي ان المخففة من الثقيلة لما خففت حذف اسمها وهو ضمير الشأن. وقرأ أبو رجاء وقتادة وعيسى وسلام وعمرو بن ميمون والأعرج ويعقوب بخلاف عنهما، والحسن ) أَن لَّعْنَةُ ( كقراءة نافع، و ) أَنَّ غَضَبَ ( بتخفيف ) ءانٍ ( و ) غَضَبَ ( مصدر مرفوع وخبر ما وبعده وهي أن المخففة من الثقيلة. وقرأ باقي السبعة ) أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ ( و ) أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ ( بتشديد ) ءانٍ ( ونصب ما بعدهما اسماً لها وخبر ما بعد. قال ابن عطية : و ) ءانٍ ( الخفيفة على قراءة نافع في قوله ) أَنَّ غَضَبَ ( قد وليها الفعل.
قال أبو علي : وأهل العربية يستقبحون أن يليها الفعل إلاّ أن يفصل بينها وبينه بشيء نحو قوله ) عَلِمَ أَن سَيَكُونُ ( وقوله ) أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا لاَ يَرْجِعُونَ ( وأما قوله تعالى ) وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى ( فذلك لعلة تمكن ليس في الأفعال. وأما قوله ) أَن بُورِكَ مَن فِى النَّارِ ( فبورك على معنى الدعاء فلم يجر دخول الفواصل لئلا يفسد المعنى انتهى. ولا فرق بين ) أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ ( و ) أَن بُورِكَ ( في كون الفعل بعد أن دعاء، ولم يبين ذلك ابن عطية ولا الفارسي، ويكون غضب دعاء مثل النحاة أنه إذا كان الفعل دعاء لا يفصل بينه وبين أن بشيء، وأورد ابن عطية ) أَنَّ غَضَبَ ( في قراءة نافع مورد المستغرب.
النور :( ٨ - ٩ ) ويدرأ عنها العذاب.....
( وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا الْعَذَابَ ( أي يدفع و ) الْعَذَابَ ( قال الجمهور الحد. وقال أصحاب الرأي لا حد عليها إن لم يلاعن ولا يوجبه عليها قول الزوج. وحكى الطبري عن آخرين أن ) الْعَذَابَ ( هو الحبس، والظاهر الاكتفاء في اللعان بهذه الكيفية المذكورة في الآية وبه قال الليث، ومكان ضمير الغائب ضمير المتكلم في شهادته مطلقاً وفي شهادتها في قوله عليها تقول عليّ. فقال الثوري وأبو حنيفة ومحمد وأبو يوسف : يقول بعد ) مِنَ الصَّادِقِينَ ( فيما رماها به من الزنا وكذا بعد من الكاذبين، وكذا هي بعد من الكاذبين و ) مِنَ الصَّادِقِينَ ( فإن كان هناك ولد ينفيه زاد بعد قوله فيما رماها به من الزنا في نفي الولد. وقال مالك : يقول أشهد بالله أني رأيتها تزني وهي أشهد بالله ما رآني أزني، والخامسة تقول ذلك أربعاً و ) الخامسة ( لفظ الآية.
وقال الشافعي : يقول أشهد بالله أني لصادق فيما رميت به زوجتي فلانة بنت فلان، ويشير إليها إن كان حاضرة أربع مرات، ثم يقعد الإمام ويذكره الله تعالى فإن رآه يريد أن يمضي أمر من يضع يده على فيه ويقول : إن قولك وعليّ لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميت به فلانة من الزنا، فإن قذفها بأحد يسميه بعينه واحد أو اثنين في كل شهادة، وإن نفي ولدها زاد وأن