" صفحة رقم ٤١١ "
ويجوز أن يكون من الإنس وهو أن يتعرف هل ثم إنسان. وعن أبي أيوب قال : قلنا : يا رسول الله، ما الاستئناس ؟ قال :( يتكلم الرجل بالتسبيحة والتكبيرة يتنحنح يؤذن أهل البيت والتسليم أن يقول السلام عليكم ). وكان أهل الجاهلية يقول الرجل منهم إذا دخل بيتاً غير بيته : حييتم صباحاً وحييتم مساء ثم يدخل، فربما أصاب الرجل مع امرأته في لحاف. واحد فصدّ الله عن ذلك وعلم الأحسن الأكمل. وذهب الطبري في ) تَسْتَأْنِسُواْ ( إلى أنه بمعنى حتى تؤنسوا أهل البيت من أنفسكم بالتنحنح والاستئذان ونحوه وتؤنسوا أنفسكم بأن تعلموا أن قد شعر بكم. قال ابن عطية : وتصريف الفعل يأبى أن يكون من آنس انتهى. وقال عطاء : الاستئذان واجب على كل محتلم، والظاهر مطلق الاستئذان فيكفي فيه المرة الواحدة. وفي الحديث :( الاستئذان ثلاث ) يعني كماله. ( فإن أذن له وإلاّ فليرجع ولا يزيد على ثلاث إلاّ أن يحقق أن من في البيت لم يسمع ). والظاهر تقديم الاستئذان على السلام. وفي حديث أبي داود : قل السلام عليكم أأدخل ؟ والواو في ) وَتُسَلّمُواْ ( لا تقتضي ترتيباً فشرع النداء بالسلام على الإذن لما في السلام من التفاؤل بالسلامة.
( ذالِكُمْ ( إشارة إلى المصدر المفهوم من ) تَسْتَأْنِسُواْ ( و ) تسلموا ( أي ) الاْخِرِ ذالِكُمْ ( الاستئناس والتسليم ) خَيْرٌ لَّكُمْ ( من تحية الجاهلية. ) لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ( أي شرعنا ذلك ونبهناكم على ما فيه مصلحتكم من الستر وعدم الاطلاع على ما تكرهون الإطلاع عليه ) لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ( اعتناء بمصالحكم.
النور :( ٢٨ ) فإن لم تجدوا.....
( فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَا أَحَداً ( أي يأذن لكم فلا تقدموا على الدخول في ملك غيركم ) حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمُ ( إذ قد يكون لرب البيت فيه ما لا يحب أن يطلع عليه. ) وَإِن قِيلَ لَكُمْ ارْجِعُواْ فَارْجِعُواْ ( وهذا عائد إلى من استأذن في دخول بيت غيره فلم يؤذن له سواء كان فيه من يأذن أم لم يكن، أي لا تلحوا في طلب الإذن ولا في الوقوف على الباب منتظرين. ) هُوَ أَزْكَى ( أي الرجوع أطهر لكم وأنمى خيراً لما فيه من سلامة الصدر والبعد عن الريبة. ثم أخبر أنه تعالى ) بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ( أي بما تأتون وما تذرون مما خوطبتم به فيجازيكم عليه، وفي ذلك توعد لأهل التجسس على البيوت وطلب الدخول على غيره والنظر لما لا يحل.
النور :( ٢٩ ) ليس عليكم جناح.....
( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ( قال الزمخشري : استثنى من البيوت التي يجب الاستئذان على داخلها ما ليس بمسكون منها نحو الفنادق وهي الخانات والربط وحوانيت البياعين، والمتاع المنفعة كالاستكنان من الحر والبرد وإيواء الرحال والسلع والشراء والبيع انتهى. وما ذكره الزمخشري من أنه استثناء من البيوت كما ذكر هو مروي عن ابن عباس وعكرمة والحسن، ولا يظهر أنه استثناء لأن الآية الأولى في البيوت المسكونة والمملوكة، ولذلك قال ) بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ( وهذا الآية الثانية هي في البيوت المباحة، وقد مثل العلماء لهذه البيوت أمثلة. فقال محمد بن الحنفية وقتادة ومجاهد : هي في الفنادق التي في طرق المسافرين. قال مجاهد : لا يسكنها أحد بل هي موقوفة يأوي إليها كل ابن سبيل. و ) فِيهَا مَتَاعٌ ( لهم أي استمتاع بمنفعتها، ومثل عطاء بالخرب التي تدخل للتبرز. وقال ابن زيد والشعبي : هي حوانيت القيسارية والسوق. قال ابن الحنيفة أيضاً : هي دور مكة، وهذا لا يسوغ إلا على القول بأن دور مكة غير مملوكة، وأن الناس فيها شركاء وأن مكة فتحت عنوة. ) وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ( وعيد للذين يدخلون البيوت غير المسكونة من أهل الريب.
النور :( ٣٠ ) قل للمؤمنين يغضوا.....
و ) مِنْ ( في ) مِنْ أَبْصَارِهِمْ ( عند الأخفش زائدة أي ) يَغُضُّواْ ( ) أَبْصَارَهُمْ ( عما يحرم، وعند غيره للتبعيض وذلك أن أول نظرة لا يملكها الإنسان وإنما يغض فيما بعد ذلك، ويؤيده قوله لعليّ كرم الله وجهه : لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك وليست لك