" صفحة رقم ٤١٤ "
َ لَمْ يَظْهَرُواْ ( إما من قولهم ظهر على الشيء إذا اطّلع عليه أي لا يعرفون ما العورة ولا يميزون بينها وبين غيرها، وإما من ظهر على فلان إذا قوي عليه وظهر على القرن أخذه. ومنه ) فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ ( أي غالبين قادرين عليه، فالمعنى لم يبلغوا أوان القدرة على الوطء.
وقرأ الجمهور ) عَوْراتِ ( بسكون الواو وهي لغة أكثر العرب لا يحركون الواو والياء في نحو هذا الجمع. وروي عن ابن عباس تحريك واو ) عَوْراتِ ( بالفتح. والمشهور في كتب النحو أن تحريك الواو والياء في مثل هذا الجمع هو لغة هذيل بن مدركة. ونقل ابن خالويه في كتاب شواذ القراءات أن ابن أبي إسحاق والأعمش قرأ ) عَوْراتِ ( بالفتح. قال : وسمعنا ابن مجاهد يقول : هو لحن وإنما جعله لحناً وخطأ من قبل الرواية وإلاّ فله مذهب في العربية بنو تميم يقولون : روضات وجورات وعورات، وسائر العرب بالإسكان. وقال الفراء : العرب على تخفيف ذلك إلاّ هذيلاً فتثقل ما كان من هذا النوع من ذوات الياء والواو. وأنشدني بعضهم : أبو بيضات رائح متأوب
رفيق بمسح المنكبين سبوح
) وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ( كانت المرأة تضرب الأرض برجلها ليتقعقع خلخالها فيعلم أنها ذات خلخال. وقال ابن عباس : هو قرع الخلخال بالإجراء وتحريك الخلاخل عند الرجال. وزعم حضرمي أن امرأة اتخذت خلخالاً من فضة واتخذت جزعاً فجعلته في ساقها، فمرت على القوم فضربت برجلها الأرض فوقع الخلخال على الجزع فصوت فنزلت هذه الآية. وقال الزجاج : وسماع صوت ذي الزينة أشد تحريكاً للشهوة من إبدائها انتهى. وقال أبو محمد بن حزم ما معناه أنه تعالى نهاهن عن ذلك لأن المرأة إذا مرت على الرجال قد لا يلتفت إليها ولا يشعر بها : وهي تكره أن لا ينظر إليها، فإذا فعلن ذلك نبهن على أنفسهن وذلك بحبهن في تعلق الرجال بهن، وهذا من خفايا الإعلام بحالهن. وقال مكي : ليس في كتاب الله آية أكثر ضمائر من هذه، جمعت خمسة وعشرين ضميراً للمؤمنات من مخفوض ومرفوع.
وقال الزمخشري : وإنما نهى عن إظهار صوت الحلّي بعد ما نهى عن إظهار الحلّي علم بذلك أن النهي عن إظهار مواقع الحلّي أبلغ.
( وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ ( لما سبقت أوامر منه تعالى ومناه، وكان الإنسان لا يكاد يقدر على مراعاتها دائماً وإن ضبط نفسه واجتهد فلا بد من تقصير أمر بالتوبة وبترجي الفلاح إذا تابوا. وعن ابن عباس ) تُوبُواْ ( مما كنتم تفعلونه في الجاهلية لعلكم تسعدون في الدنيا والآخرة. وقرأ ابن عامر ) ءايَةً الْمُؤْمِنُونَ ( ويا أية الساحر يا أيه الثقلان بضم الهاء، ووجهه أنها كانت مفتوحة لوقوعها قبل الألف، فلما سقطت الألف بالتقاء الساكنين اتبعت حركتها حركة ما قبلها وضمها التي للتنبيه بعد أي لغة لبني مالك رهط شقيق ابن سلمة، ووقف بعضهم بسكون الهاء لأنها كتبت في المصحف بلا ألف بعدها ووقف بعضهم بالألف.
٢ ( ) وَأَنْكِحُواْ الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَءَاتُوهُمْ مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِىءَاتَاكُمْ وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُنَّ فِإِنَّ اللَّهِ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ ءَايَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ( ) ) ٢
النور :( ٣٢ ) وأنكحوا الأيامى منكم.....
لما تقدمت أوامر ونواةٍ في غض البصر وحفظ الفرج وإخفاء الزينة وغير ذلك وكان الموجب للطموح من الرجال إلى النساء ومن النساء إلى الرجال هو عدم التزوج غالباً لأن في تكاليف النكاح وما يجب لكل واحد من الزوجين ما يشغل أمر تعالى بإنكاح الأيامى، وهم الذين لا أزواج لهم من الصنفين حتى يشتغل كل منهما بما يلزمه، فلا يلتفت إلى غيره. والظاهر أن الأمر في قوله ) وَأَنْكِحُواْ ( للوجوب، وبه قال أهل الظاهر، وأكثر العلماء على أنه هنا للندب ولم يخل عصر من الأعصار من وجود ) الايَامَى ( ولم ينكر ذلك ولا أمر الأولياء بالنكاح.
وقال الزمخشري :) الايَامَى ( واليتامى أصلهما أيائم ويتائم فقلبا