" صفحة رقم ٤١٨ "
غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِى اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الاٌّ مْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلَيِمٌ فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالاٌّ صَالِ رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَواةِ وَإِيتَآءِ الزَّكَواةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالاٌّ بْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ( )
النور :( ٣٥ ) الله نور السماوات.....
النور في كلام العرب الضوء المدرك بالبصر، فإسناده إلى الله تعالى مجاز كما تقول زيد كرم وجود وإسناده على اعتبارين، إما على أنه بمعنى اسم الفاعل أي منوّر السموات والأرض، ويؤيد هذا التأويل قراءة عليّ بن أبي طالب وأبي جعفر وعبد العزيز المكي وزيد بن عليّ وثابت بن أبي حفصة والقورصي ومسلمة بن عبد الملك وأبي عبد الرحمن السلمي وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ) نُورٍ ( فعلاً ماضياً و ) الاْرْضِ ( بالنصب. وإما على حذف أي ذو نور، ويؤيده قوله ) مَثَلُ نُورِهِ ( ويحتمل أن يجعل نوراً على سبيل المدح، كما قالوا فلان شمس البلاد ونور القبائل وقمرها، وهذا مستفيض في كلام العرب وأشعارها. قال الشاعر : كأنك شمس والملوك كواكب وقال :
قمر القبائل خالد بن زيد وقال :
إذا سار عبد الله من مرو ليلة
فقد سار منها بدرها وجمالها
ويروى نورها، وأضاف النور إلى ) السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ( لدلالة على سعة إشراقه وفشو إضاءته حتى يضيء له السموات والأرض، أو يراد أهل السموات والأرض وأنهم يستضيئون به. وقال ابن عباس :) نُورٍ السَّمَاوَاتِ ( أي هادي أهل السموات. وقال مجاهد : مدبر أمور السموات. وقال الحسن : منور السموات. وقال أبي : الله به نور السموات أو منه نور السموات أي ضياؤها. وقال أبو العالية : مزين السموات بالشمس والقمر والنجوم، ومزين الأرض بالأنبياء والعلماء. وقيل : المنزه من كل عيب امرأة نوار بريئة من الريبة والفحشاء. وقال الكرماني : هو الذي يرى ويرى به مجاز وصف الله به لأنه يرى ويرى بسببه مخلوقاته لأنه خلقها وأوجدها.
والظاهر أن الضمير في ) مَثَلُ نُورِهِ ( عائد على الله تعالى. واختلفوا في هذا القول ما المراد بالنور المضاف إليه تعالى. فقيل : الآيات البينات في قوله ) وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ ءايَاتٍ مُّبَيّنَاتٍ ( وقيل : الإيمان المقذوف في قلوب المؤمنين. وقيل : النور هنا هو رسول الله ( ﷺ ) ). وقيل : النور هنا المؤمن. وقال كعب وابن جبير : الضمير في ) نُورِهِ ( عائد على محمد ( ﷺ ) )، أي مثل نور محمد. وقال أبيّ : هو عائد على المؤمنين وفي قراءته مثل نور المؤمن. وروي أيضاً فيها مثل نور من آمن به. وقال الحسن : يعود على القرآن والإيمان وهذه الأقوال الثلاثة عاد فيها الضمير على غير مذكور، ونقلت المعنى المقصود بالآية بحلاف عوده على الله تعالى، ولذلك


الصفحة التالية
Icon