" صفحة رقم ٤٢٢ "
يكون خبر مبتدأ محذوف أي المسبح رجال. وتقدم الكلام في تفسير الغدو والآصال والمراد بهما.
ثم ذكر تعالى وصف المسبحين بأنهم لمراقبتهم أمر الله وطلبهم رضاه لا يشتغلون عن ذكر الله واحتمل قوله ) لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ ( وجهين : أحدهما : أنهم لا تجارة لهم ولا بيع فيلهيهم عن ذكر الله كقوله : على لا حب لا يهتدى بمناره أي لا منار له فيهتدى به. والثاني : أنهم ذوو تجارة وبيع ولكن لا يشغلهم ذلك عن ذكر الله وعما فرض عليهم، والظاهر مغايرة التجارة والبيع، ولذلك عطف فاحتمل أن تكون تجارة من إطلاق العام ويراد به الخاص، فأراد بالتجارة الشراء ولذلك قابله بالبيع، أو يراد تجارة الجلب ويقال : تجر فلان في كذا إذا جلبه وبالبيع البيع بالأسواق، ويحتمل أن يكون ) وَلاَ بَيْعٌ ( من ذكر خاص بعد عام، لأن التجارة هي البيع والشراء طلباً للريح. ونبه على هذا الخاص لأنه في الإلهاء أدخل من قبل أن التاجر إذا اتجهت له بيعة رابحة وهي طلبته الكلية من صناعته ألهته ما لا يلهيه شيء يتوقع فيه الريح لأن هذا يقين وذاك مطنون.
قال الزمخشري : التاء في إقامة عوض من العين الساقطة للإعلال والأصل أقوام، فلما أضيفت أقيمت الإضافة مقام حرف التعويض فأسقطت ونحوه :
وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا انتهى. وهذا الذي ذكر من أن التاء سقطت لأجل الإضافة هو مذهب الفراء ومذهب البصريين، أن التاء من نحو هذا لا تسقط للإضافة وتقدم لنا الكلام على ) لَّيْسَ الْبِرَّ ( في الأنبياء وصدر البيت الذي أنشد عجزه قوله :
إن الخليط أجدوا البين فانجردوا وقد تأول خالد بن كلثوم قوله عدا الأمر على أنه جمع عدوة، والعدوة الناحية كأن الشاعر أراد نواحي الأمر وجوانبه.
( يَخَافُونَ يَوْماً ( هو يوم القيامة، والظاهر أن معنى ) تَتَقَلَّبُ ( تضطرب من هول ذلك اليوم كما قال تعالى ) وَإِذْ زَاغَتِ الاْبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ ( فتقلبها هو قلقها واضطرابها، فتتقلب من طمع في النجاة إلى طمع ومن حذر هلاك إلى هلاك. وهذا المعنى تستعمله العرب في الحروب كقوله : بل كان قلبك في جناحي طائر ويبعد قول من قال ) تَتَقَلَّبُ ( على جمر جهنم لأن ذلك ليس في يوم القيامة بل بعده. وقول من قال إن تقلبها ظهور الحق لها أي فتتقلب عن معتقدات الضلال إلى اعتقاد الحق على وجهه فتفقه القلوب بعد أن كانت مطبوعاً عليها، وتبصر الأبصار بعد أن كانت عمياً والقول الأول أبلغ في التهويل.
النور :( ٣٨ ) ليجزيهم الله أحسن.....
وقرأ ابن محيصن : تُقلب بإدغام التاء في التاء.
واللام في ) لِيَجْزِيَهُمُ ( متعلقة بمحذوف أي فعلوا ذلك ) لِيَجْزِيَهُمُ ( ويجوز أن تتعلق بيسبح وهو الظاهر. وقال الزمخشري : والمعنى يسبحون ويخافون ) لِيَجْزِيَهُمُ ( انتهى. والظاهر أن قوله ) يَخَافُونَ ( صفة لرجال كما أن ) لاَّ تُلْهِيهِمْ ( كذلك. ) أَحْسَنُ ( هو على حذف مضاف أي ثواب أحسن ما عملوا، أو ) أَحْسَنُ ( جزاء ما عملوا. ) وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ ( على ما تقتضيه أعمالهم، فأهل الجنة أبداً في مزيد. وقال الزمخشري :) لِيَجْزِيَهُمُ ( ثوابهم مضاعفاً ) وَيَزِيدُهُمْ ( على الثواب تفضيلاً وكذلك معنى قوله ) الْحُسْنَى (