" صفحة رقم ٤٣٥ "
الحب ؟ قال : أنت لي صديق فما هذا الاستئذان. وقال ابن عباس : الصديق أوكد من القرابة لا ترى استغاثة الجهنميين ) فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ ( ولم يستغيثوا بالآباء والأمهات ومعنى ) أَوْ صَدِيقِكُمْ ( أو بيوت أصدقائكم، والصديق يكون للواحد والجمع كالخليط والقطين، وقد أكل جماعة من أصحاب الحسن من بيته وهو غائب فجاء فسر بذلك وقال : هكذا وجدناهم يعني كبراء الصحابة، وكان الرجل يدخل بيت صديقه فيأخذ من كيسه فيعتق جاريته التي مكنته من ذلك. وعن جعفر الصادق : من عظم حرمة الصديق أن جعله الله من الأنس والثقة والانبساط وترك الحشمة بمنزلة النفس والأب والابن والأخ. وقال هشام بن عبد الملك : نلت ما نلت حتى الخلافة وأعوزني صديق لا أحتشم منه. وقال أهل العلم : إذا دل ظاهر الحال على رضا المالك قام ذلك مقام الإذن الصريح.
وانتصب ) جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً ( على الحال أي مجتمعين أو متفرقين. قال الضحاك وقتادة : نزلت في حي من كنانة تحرجوا أن يأكل الرجل وحده فربما قعدوا لطعام بين يديه لا يجد من يؤاكله حتى يمسي فيضطر إلى الأكل وحده. وقال بعض الشعراء : إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له
أكيلاً فإني لست آكله وحدي
وقال عكرمة في قوم من الأنصار : إذا نزل بهم ضيف لا يأكلون لاّ معه. وقيل في قوم : تحرجوا أن يأكلوا جميعاً مخافة أن يزيد أحدهم على الآخرة في الأكل. وقيل ) أَوْ صَدِيقِكُمْ ( هو إذا دعاك إلى وليمة فحسب. وقيل : هذه الآية منسوخة بقوله عليه السلام ( ألا إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام ) وبقوله عليه السلام من حديث ابن عمر :( لا يحلبن أحد ماشية أحد إلاّ بإذنه ) وبقوله تعالى ) لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُواْ ).
) فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلّمُواْ عَلَى أَنفُسِكُمْ ). قال ابن عباس والنخعي : المساجد فسلموا على من فيها فإن لم يكن فيها أحد قال السلام على رسول الله. وقيل : يقول السلام عليكم يعني الملائكة، ثم يقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. وقال جابر وابن عباس وعطاء : البيوت المسكونة وقالوا يدخل فيها غير المسكونة، فيقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. وقال ابن عمر : بيوتاً خالية. وقال السدّي ) عَلَى أَنفُسِكُمْ ( على أهل دينكم. وقال قتادة : على أهاليكم في بيوت أنفسكم. وقيل : بيوت الكفار ) فَسَلّمُواْ عَلَى أَنفُسِكُمْ ( وقال الزمخشري ) فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً ( من هذه البيوت لتأكلوا، فابدؤوا بالسلام على أهلها الذين هم فيها منكم ديناً وقرابة. و ) تَحِيَّةً مّنْ عِندِ اللَّهِ ( أي ثابتة بأمره مشروعة من لدنه، أو لأن التسليم والتحية طلب للسلامة وحياة للمسلم عليه ووصفها بالبركة والطيب لأنها دعوة مؤمن لمؤمن يرجى بها من الله زيادة وطيب الرزق انتهى. وقال مقاتل : مباركة بالأجر. وقيل : بورك فيها بالثواب. وقال الضحاك : في السلام عشر حسنات، ومع الرحمة عشرون، ومع البركات ثلاثون. وانتصب ) تَحِيَّةً ( بقوله ) فَسَلّمُواْ ( لأن معناه فيحوا كقولك : قعدت جلوساً.
٢ ( ) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّى يَسْتَأذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأذِنُونَكَ أُوْلَائِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَآءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أَلاإِنَّ للَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمُ ( ) ) ٢
النور :( ٦٢ ) إنما المؤمنون الذين.....
لما افتتح السورة بقوله ) سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا ( وذكر أنواعاً من الأوامر والحدود مما أنزله على الرسول عليه السلام اختتمها بما يجب له عليه السلام على أمته من التتابع والتشايع على ما فيه مصلحة الإسلام ومن