" صفحة رقم ٤٤٨ "
الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مّنْ خَيْرٍ ( أي خير والمعنى ما كان يصح لنا ولا يستقيم ونحن معصومون أن نتولى أحداً دونك، فكيف يصح لنا أن نحمل غيرنا على أن يتولونا دونك. وقال أبو مسلم ) مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا ( أن نكون أمثال الشياطين نريد الكفر فنتولى الكفار قال ) وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ ). وقرأ أبو الدرداء وزيد بن ثابت وأبو رجاء ونصر بن علقمة وزيد بن عليّ وأخوه الباقر ومكحول والحسن وأبو جعفر وحفص بن عبيد والنخعي والسلمي وشيبة وأبو بشر والزعفراني أن يُتخذ مبنياً للمفعول واتخذ مما يتعدى تارة لواحد كقوله ) أَمِ اتَّخَذُواْ الِهَةً مّنَ الاْرْضِ ( وعليه قراءة الجمهور وتارة إلى اثنين كقوله ) أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَاهَهُ هَوَاهُ ( فقيل : هذه القراءة منه فالأول الضمير في ) نَّتَّخِذَ ( والثاني ) مِنْ أَوْلِيَاء ( و ) مِنْ ( للتبعيض أي لا يتخذ بعض أولياء وهذا قول الزمخشري.
وقال ابن عطية : ويضعف هذه القراءة دخول ) مِنْ ( في قوله ) مِنْ أَوْلِيَاء ( اعترض بذلك سعيد بن جبير وغيره. وقال أبو الفتح ) مِنْ أَوْلِيَاء ( في موضع الحال ودخلت ) مِنْ ( زيادة لمكان النفي المتقدم كما تقول : ما اتخذت زيداً من وكيل. وقيل ) مِنْ أَوْلِيَاء ( هو الثاني على زيادة ) مِنْ ( وهذا لا يجوز عند أكثر النحويين إنما يجوز دخولها زائدة على المفعول الأول بشرطه. وقرأ الحجاج أن نتخذ من دونك أولياء فبلغ عاصماً فقال : مقت المخدّج أو ما علم أن فيها ) مِنْ ( ولما تضمن قولهم ) مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء ( أنّا لم نضلهم ولم نحملهم على الامتناع من الإيمان صلح أن يستدرك بلكن، والمعنى لكن أكثرت عليهم وعلى آبائهم النعم وأطلت أعمارهم وكان يجب عليهم شكرها والإيمان بما جاءت به الرسل، فكان ذلك سبباً للإعراض عن ذكر الله. قيل : ولكن متعتهم كالرمز إلى ما صرح به موسى من قوله ) إِنْ هِىَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ ( أي أنت الذي أعطيتهم مطالبهم من الدنيا حتى صاروا غرقى في بحر الشهوات فكان صارفاً لهم عن التوجه إلى طاعتك والاشتغال بخدمتك و ) الذّكْرِ ( ما ذكر به الناس على ألسنة الأنبياء أو الكتب المنزلة أو القرآن. والبور : قيل مصدر يوصف به الواحد والجمع. وقيل : جمع بائر كعائذ وعوذ. قيل : معناه هلكى. وقيل : فدى وهي لغة الأزد يقولون : أمر بائر أي فاسد، وبارت البضاعة : فسدت. وقال الحسن : لا خير فيهم من قولهم أرض بور أي معطلة لا نبات فيها. وقيل ) بُوراً ( عمياً عن الحق.
الفرقان :( ١٩ ) فقد كذبوكم بما.....
( فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ ( هذا من قول الله بلا خلاف وهي مفاجأة، فالاحتجاج والإلزام حسنة رابعة وخاصة إذا انضم إليها الالتفات وهو على إضمار القول كقوله ) مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ ( أي فقلنا قد جاءكم. وقول الشاعر : قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا
ثم القفول فقد جئنا خراسانا
أي فقلنا قد جئنا وكذلك هذا أي فقلنا قد كذبوكم، فإن كان المجيب الأصنام فالخطاب للكفار أي قد كذبتكم معبوداتكم من الأصنام بقولهم ) مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا ( وإن كان الخطاب للمعبودين من العقلاء عيسى والملائكة وعزير عليهم السلام، وهو الظاهر لتناسق الخطاب مع قوله ) أَضْلَلْتُمْ عِبَادِى ( أي كذبكم المعبودون ) بِمَا تَقُولُونَ ( أي بقولهم أنكم أضللتموهم، وزعمهم أنكم أولياؤهم من دون الله. ومن قرأ ) بِمَا تَقُولُونَ ( بتاء الخطاب فالمعنى فيما تقولون أي ) سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء ). وقيل : الخطاب للكفار العابدين أي كذبكم المعبودون بما تقولون من الجواب. ) سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا ( أو فيما تقولون أنتم من الافتراء عليهم خوطبوا على جهة التوبيخ والتقريع. وقيل : هو خطاب للمؤمنين في الدنيا أي قد كذبكم أيها المؤمنون الكفار في الدنيا فيما تقولونه من التوحيد والشرع. وقرأ الجمهور ) بِمَا تَقُولُونَ ( بالتاء من فوق. وأبو حيوة وابن الصلت عن قنبل بالياء من تحت.
وقرأ حفص وأبو حيوة والأعمش


الصفحة التالية
Icon