" صفحة رقم ٤٥٦ "
سؤالهم. ولما كان التفسير هو الكشف عما يدل عليه الكلام وضع موضع معناه فقالوا : تفسير هذا الكلام كيت وكيت، كما قيل معناه كذا أو ) وَلاَ يَأْتُونَكَ ( بحال وصفة عجيبة يقولون هلا كانت هذه صفتك وحالك نحو إن يقرن بك ملك ينذر معك أو يلقى إليك كنز أو تكون لك جنة أو ينزل عليك القرآن جملة إلاّ أعطيناك ما يحق لك في حكمتنا ومشيئتنا أن تعطاه وما هو أحسن تكشيفاً لما بعثت عليه ودلالة على صحته انتهى. وقيل :) وَلاَ يَأْتُونَكَ ( بشبهة في إبطال أمرك إلاّ جئناك بالحق الذي يدحض شبهة أهل الجهل ويبطل كلام أهل الزيغ، والمفضل عليه محذوف أي ) وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً ( من مثلهم ومثلهم قولهم ) لَوْ لا أُنزِلَ عَلَيْهِ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ).
الفرقان :( ٣٤ ) الذين يحشرون على.....
و ) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ ). قال الكرماني : متصل بقوله ) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ ( الآية. قيل : ويجوز أن يكون متصلاً بقوله ) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نَبِىّ عَدُوّاً مّنَ الْمُجْرِمِينَ ( انتهى. والذي يظهر أنهم لم اعترضوا في حديث القرآن وإنزاله مفرقاً كان في ضمن كلامهم أنهم ذو ورشد وخير، وأنهم على طريق مستقيم ولذلك اعتراضوا فأخبر تعالى بحالهم وما يؤول إليه أمرهم في الآخرة بكونهم ) شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً ( والظاهر أنه يحشر الكافر على وجهه بأن يسحب على وجهه. وفي الحديث ( إن الذي أمشاهم على أرجلهم قادر أن يمشيهم على وجوههم ). وهذا قول الجمهور. وقيل : هو مجاز للذلة المفرطة والهوان والخزي. وقيل : هو من قول العرب مر فلان على وجه إذا لم يدر أين ذهب. ويقال : مضى على وجهه إذا أسرع متوجهاً لقصده و ) شَرُّ ( و ) أَضَلَّ ( ليسا على بابهما من الدلالة على التفضيل. وقوله ) شَرٌّ مَّكَاناً ( أي مستقراً وهو مقابل لقوله ) خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً ( ويحتمل أن يراد بالمكان المكانة والشرف لا المستقر.
وأعربوا ) الَّذِينَ ( مبتدأ والجملة من ) أُوْلَائِكَ ( في موضع الخبر ويجوز عندي أن يكون ) الَّذِينَ ( خبر مبتدأ محذوف لما تقدم ذكر الكافرين وما قالوا قال إبعاداً لهم وتسميعاً بما يؤول إليه حالهم هم ) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ ( ثم استأنف إخباراً أخبر عنهم فقال ) أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً (
٢ ( ) وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً فَقُلْنَا اذْهَبَآ إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِأايَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ ءَايَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَالِكَ كَثِيراً وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الاٌّ مْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِىأُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَاذَا الَّذِى بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ ءَالِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً أَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَاهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالاٌّ نْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ( ) ) ٢
الفرقان :( ٣٥ - ٣٦ ) ولقد آتينا موسى.....
لما تقدم تكذيب قريش والكفار لما جاء به رسول الله ( ﷺ ) ) ذكر تعالى ما فيه تسلية للرسول وإرهاب للمكذبين وتذكير


الصفحة التالية
Icon