" صفحة رقم ٤٧٤ "
ابن عباس : قرة عين الولدان تراه يكتب الفقه والظاهر أنهم دعوا بذلك ليجابوا في الدنيا فيسروا بهم. وقيل : سألوا أن يلحق الله بهم أولئك في الجنة ليتم لهم سرورهم انتهى. ويتضمن هذا القول الأول الذي هو في الدنيا لأن ذلك نتيجة إيمانهم في الدنيا. ومن الظاهر أنها لابتداء الغاية أي ) هَبْ لَنَا ( من جهتهم ما تقربه عيوننا من طاعة وصلاح، وجوز أن تكون للبيان قاله الزمخشري قال : كأنه قيل ) هَبْ لَنَا ( ) قُرَّةِ أَعْيُنٍ ( ثم بينت القرة وفسرت بقوله ) مِنْ أَزْواجِنَا وَذُرّيَّاتِنَا ( ومعناه أن يجعلهم الله لهم قرة أعين من قولك : رأيت منك أسداً أي أنت أسد انتهى. وتقدم لنا أن ) مِنْ ( التي لبيان الجنس لا بد أن تتقدم المبين. ثم يأتي بمن البيانية وهذا على مذهب من أثبت أنها تكون لبيان الجنس. والصحيح أن هذا المعنى ليس بثابت لمن.
وقرأ ابن عامر والحرميان وحفص وذرياتنا على الجمع وباقي السبعة وطلحة على الإفراد. وقرأ عبد الله وأبو الدرداء وأبو هريرة قرات على الجمع، والجمهور على الإفراد. ونكرت القرة لتنكير الأعين كأنه قال هب لنا منهم سروراً وفرحاً وجاء ) أَعْيُنِ ( بصيغة جمع القلة دون عيون الذي هو صيغة جمع الكثرة لأنه أريد أعين المتقين وهي قليلة بالإضافة إلى عيون غيرهم قاله الزمخشري. وليس بجيد لأن أعين تنطلق على العشرة فما دونه من الجمع، والمتقون ليست أعينهم عشرة بل هي عيون كثيرة جداً وإن كانت عيونهم قليلة بالنسبة إلي عيون غيرهم فهي من الكثرة بحيث تفوت العد. وأفرد ) إِمَاماً ( إما اكتفاء بالواحد عن الجمع، وحسنه كونه فاصلة ويدل على الجنس ولا لبس، وأما لأن المعنى واجعل كل واحد ) إِمَاماً ( وإما أن يكون جمع آمّ كحال وحلال، وإما لاتحادهم واتفاق كلمتهم قالوا : واجعلنا إماماً واحد ادعوا الله أن يكونوا قدوة في الدين ولم يطلبوا الرئاسة قاله النخعي. وقيل : في الآية ما يدل على أن الرئاسة في الدين يجب أن تطلب.
الفرقان :( ٧٥ ) أولئك يجزون الغرفة.....
ونزلت في العشرة المبشرين بالجنة.
( أُوْلَائِكَ ( إشارة إلى الموصوفين بهذه الصفات العشرة. و ) الْغُرْفَةَ ( اسم معرف بأل فيعم أي الغرف كما جاء ) وَهُمْ فِى الْغُرُفَاتِ ءامَنُواْ ( وهي العلالي. قال ابن عباس : وهي بيوت من زبرجد ودر وياقوت. وقيل ) الْغُرْفَةَ ( من أسماء الجنة. وقيل : السماء السابعة غرفة. وقيل : هي أعلى منازل الجنة. وقيل : المراد العلو في الدرجات والباء في ) بِمَا صَبَرُواْ ( للسبب. وقيل : للبدل أي بدل صبرهم كما قال :
فليت لي بهم قوماً إذا ركبوا
أي فليت لي بدلهم قوماً ولم يذكر متعلق الصبر مخصصاً ليعم جميع متعلقاته. وقرأ الحسن وشيبة وأبو جعفر والحرميان وأبو عمرو وأبو بكر ) وَيُلَقَّوْنَ ( بضم الياء وفتح اللام والقاف مشددة. وقرأ طلحة ومحمد اليماني وباقي السبعة بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف. والتحية دعاء بالتعمير والسلام دعاء بالسلامة، أي تحييهم الملائكة أو يحيي بعضهم بعضاً. وقيل : يحيون بالتحف جمع لهم بينهم المنافع والتعظيم.
الفرقان :( ٧٦ ) خالدين فيها حسنت.....
( حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً ( معادل لقوله في جهنم ) سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً ).
الفرقان :( ٧٧ ) قل ما يعبأ.....
ولما وصف عباده العباد وعدد ما لهم من صالح الأعمال أمر رسوله ( ﷺ ) ) أن يصرح للناس بأن لا اكتراث لهم عند ربهم إنما هو العبادة والدعاء في قوله ) لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ ( هو العبادة والظاهر أن ) مَا ( نفي أي ليس ) يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّى لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ ( ويجوز أن تكون استفهامية فيها معنى النفي أي، أي عبء يعبأ بكم، و ) دُعَاؤُكُمْ ( مصدر أضيف إلى الفاعل أي لولا عبادتكم إياه أي لولا دعاؤكم وتضرعكم إليه أو ما يعبأ بتعذيبكم لولا دعاؤكم الأصنام آلهة. وقيل : أضيف إلى المفعول أي لولا دعاؤه إياكم إلى طاعته. والذي يظهر أن قوله ) قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ ( خطاب لكفار قريش القائلين نسجد لما تأمرنا أي لا يحفل بكم ربي لولا تضرعكم إليه واستغاثتكم إياه في الشدائد.
( فَقَدْ كَذَّبْتُمْ ( بما جاء به الرسول ( ﷺ ) )


الصفحة التالية
Icon