" صفحة رقم ١٢٥ "
) الْحَمْدُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (، والتحميد هنالك على سبيل اللذة، لا التكليف. وفي الحديث :( يلهمون التسبيح والتقديس ). وقرأ ابن محيصن : ما تكن، بفتح التاء وضم الكاف.
( وَلَهُ الْحُكْمُ ( : أي القضاء بين عباده والفصل. و ) أَرَءيْتُمْ ( : بمعنى أخبرون، وقد يسلط على الليل ) أَرَءيْتُمْ ( و ) جَعَلَ (، إذ كان منهما يقتضيه، فأعمل الثاني. وجملة أرأيتم الثانية هي جملة الاستفهام، والعائد على الليل محذوف تقديره : من إله غير الله يأتيكم بضياء بعده، ولا يلزم في باب التنازع أن يستوي المتنازعان في جهة التعدي مطلقاً، بل قد يختلف الطلب، فيطلبه هذا على جهة الفاعلية، وهذا على جهة المفعولية، وهذا على جهة المفعول، وهذا على جهة الظرف. وكذلك أرأيتم ثاني مفعولية جملة استفهامية غالباً، وثاني جعل إن كانت بمعنى صير لا يكون استفهاماً، وإن كانت بمعنى خلق وأوجد وانتصب ما بعد مفعولها، كان ذلك المنتصب حالاً. و ) سَرْمَداً (، قيل : من السرمد، فميمه زائدة، ووزنه فعمل، ولا يزاد وسطاً ولا آخراً بقياس، وإنما هي ألفاظ تحفظ مذكورة في علم التصريف. وأتى ) بِضِيَاء (، وهو نور الشمس، ولم يجىء التركيب بنهار يتصرفون فيه، كما جاء ) بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ (، لأن منافع الضياء متكاثرة، ليس التصرف في المعاش وحده، والظلام ليس بتلك المنزلة، ومن ثم قرن بالضياء. ) أَفَلاَ تَسْمَعُونَ ( ؟ لأن السمع يدرك ما يدركه البصر من ذكر منافعه ووصف فوائده، وقرن بالليل. ) أَفلاَ تُبْصِرُونَ ( ؟ لأن غيرك يبصر من منفعة الظلام ما تبصره أنت من السكون ونحوه، قال الزمخشري. و ) مّن رَّحْمَتِهِ (، من هنا للسبب، أي وبسبب رحمته إياكم، ( جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ (، ثم علل جعل كل واحد منهما، فبدأ بعلة الأول، وهو الليل، وهو :) لِتَسْكُنُواْ فِيهِ (، ثم بعلة الثاني وهو : ولتبتغوا من فضله، ثم بما يشبه العلة لجعل هذين الشيئين وهو :) وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ (، ثم بما يشبه العلة لجعل هذين الشيئين وهو :) لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (، أي هذه الرحمة والنعمة. وهذا النوع من علم البديع يسمى التفسير، وهو أن تذكر أشياء ثم تفسرها بما يناسبها، ومنه قول ابن جيوش : ومقرطق يغني النديم بوجهه
عن كأسه الملأى وعن إبريقه
فعل المدام ولونها ومذاقها
في مقلتيه ووجنتيه وريقه
والضمير في ) فِيهِ ( عائد على الليل، وفي ) فَضْلِهِ ( يجوز أن يكون عائداً على الله، والتقدير : من فضله، أي من فضل الله فيه، أي في النهار ؛ وحذف لدلالة المعنى، ولدلالة لفظ فيه السابق عليه. ويحتمل أن يعود على النهار، أي من فضل النهار، ويكون أضافه إلى ضمير النهار على سبيل المجاز. لما كان الفضل حاصلاً فيه، أضيف إليه، كقوله :) بَلْ مَكْرُ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ ).
) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِىَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ وَنَزَعْنَا مِن كُلّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُواْ أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ إِنَّ قَارُونَ كُلٌّ مّنَ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَءاتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِى الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ ( سقط : لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين إلى آخر الآية ) ).