" صفحة رقم ١٦٣ "
ءايَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً ( : إما أن يتعلق من آياته بيريكم، فيكون في موضع نصب، ومن لابتداء الغاية، أو يكون يريكم على إضمار أن، كما قال :
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوعى
برفع أحضر، والتقدير أن أحضر، فلما حذف أن، ارتفع الفعل، وليس هذا من المواضع التي يحذف منها أن قياساً، أو على إنزال الفعل منزلة المصدر من غير ما يسبكه له، كما قال الخليل في قول :
أريد لأنسى حبها
أي أرادني لأنسى حبها، فيكون التقدير في هذين الوجهين : ومن آياته إراءته إياكم البرق، فمن آياته في موضع رفع على أنه خبر المبتدأ. وقال الرماني : يحتمل أن يكون التقدير : ومن آياته يريكم البرق بها، وحذف لدلالة من عليها، كما قال الشاعر : وما الدهر إلا تارتان فمنهما
أموات وأخرى أبتغي العيش أكدح
أي : فمنهما تارة أموات، ومن على هذه الأوجه الثلاثة للتبعيض. وانتصب ) خَوْفًا وَطَمَعًا ( على أنهما مصدران في موضع الحال، أي خائفين وطامعين. وقيل : مفعول من أجله. وقال الزجاج : وأجازه الزمخشري على تقدير إرادة خوف وطمع، فيتحد الفاعل في العامل والمحذوف، ولا يصح أن يكون العامل يريكم، لاختلاف الفاعل في العامل والمصدر. وقال الزمخشري : المفعولون فاعلون في المعنى، لأنهم راؤون مكانه، فكأنه قيل : لجعلكم رائين البرق خوفاً وطمعاً. انتهى. وكونه فاعلاً، قيل : همزة التعدية لا تثبت له حكمه بعدها، على أن المسألة فيها خلاف. مذهب الجمهور : اشتراط اتحاد الفاعل، ومن النحويين من لا يشترطه. ولو قيل : على مذهب من يشترطه. أن التقدير : يريكم البرق فترونه خوفاً وطمعاً، فحذف العامل للدلالة، لكان إعراباً سائغاً واتحد فيها الفاعل. وقال الضحاك : خوفاً من صواعقه، وطمعاً في مطره. وقال قتادة : خوفاً للمسافر، وطمعاً للمقيم. وقيل : خوفاً أن يكون خلباً، وطمعاً أن يكون ماطراً. وقال الشاعر : لا يكن برقك برقاً خلبا
إن خير البرق ما العيث معه
وقال ابن سلام : خوفاً من البرد أن يهلك الزرع، وطمعاً في المطر أن يحييه. ) وَمِنْ ءايَاتِهِ أَن تَقُومَ ( : أن تثبت وتمسك، مثل : وإذا أظلم عليهم قاموا : أي ثبتوا بأمره، أي بإرادته. وإذا الأولى للشرط، والثانية للمفاجأة جواب الشرط، والمعنى : أنه لا يتأخر طرفة عين خروجكم عن دعائه، كما يجيب الداعي المطيع مدعوه، كما قال الشاعر :
دعوت كليباً دعوة فكأنمادعوت قرين الطود أو هو أسرع


الصفحة التالية
Icon