" صفحة رقم ١٧٠ "
في هبات، للثواب. وقال ابن عطية : وما جرى مجراهما مما يصنع للمجازاة، كالسلم وغيره، فهو وإن كان لا إثم فيه، فلا أجر فيه ولا زيادة عند الله. وقال ابن عباس أيضاً، والنخعي : نزلت في قوم يعطون قراباتهم وإخوانهم على معنى نفعهم وتمويلهم والتفضل عليهم، وليزيدوا في أموالهم على جهة النفع به، فذلك النفع لهم. وقال الشعبي قريباً من هذا وهو : أن ما خدم به الإنسان غيره انتفع به، فذلك النفع لهم. وقال الشعبي أيضاً قريباً من هذا وهو : أن لا يربو عند الله، والظاهر القول الأول، وهو النهي عن الربا. وقرأ الجمهور :) وَمَا ءاتَيْتُمْ (، الأول بمد الهمزة، أي وما أعطيتم ؛ وابن كثير : بقصرها، أي وما جئتم. وقرأ الجمهور : ليربو، بالياء وإسناد الفعل إلى الربا ؛ وابن عباس، والحسن، وقتادة، وأبو رجاء، والشعبي، ونافع، وأبو حيوة : بالتاء مضمومة، وإسناد الفعل إليهم. وقرأ أبو مالك : ليربوها، بضمير المؤنث.
والمضعف : ذو أضعاف في الأجر. قال الفراء : هم أصحاب المضاعفة، كما تقول : هو مسمن، أي صاحب إبل سمان، ومعطش : أي صاحب إبل عطشى. وقرأ أبي :) الْمُضْعِفُونَ (، بفتح العين، اسم مفعول. وقال الزمخشري :) فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (، التفات حسن، كأنه قال لملائكته وخواص خلقه : فأولئك الذين يريدون وجه الله بصدقاتهم هم المضعفون، والمعنى : المضعفون به بدلالة أولئك هم المضعفون، والحذف لما في الكلام من الدليل عليه، وهذا أسهل مأخذاً، والأول أملأ بالفائدة : انتهى. وإنما احتاج إلى تقدير ما قدر، لأن اسم الشرط ليس بظرف، لا بد أن يكون في الجواب ضمير يعود عليه يتم به الربط.
( اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مّن شَىْء سُبْحَانَهُ ).
كرر تعالى خطاب الكفار في أمر أوثانهم، فذكر أفعاله التي لا يمكن أن يدعى له فيها شريك، وهي الخلق والرزق والإماتة والإحياء، ثم استفهم على جهة التقرير لهم والتوبيخ، ثم نزه نفسه عن مقالتهم. و ) اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ ( : مبتدأ وخبر. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون ) الَّذِى خَلَقَكُمْ ( صفة للمبتدأ، والخبر :) هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ ( ؛ وقوله :) مّن ذالِكُمُ ( هو الذي ربط الجملة بالمبتدأ لأن معناه : من أفعاله. انتهى. والذي ذكره النحويون أن اسم الإشارة يكون رابطاً إذا كان أشير به إلى المبتدأ. وأما ) ذالِكُمْ ( هنا فليس إشارة إلى المبتدأ، لكنه شبيه بما أجازه الفراء من الربط بالمعنى، وخالفه الناس، وذلك في قوله :) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجًا يَتَرَبَّصْنَ (، قال التقدير : يتربصن أزواجهم، فقدر الضمير بمضاف إلى ضمير الذين، فحصل به الربط، كذلك قدر الزمخشري ) مّن ذالِكُمُ ( : من أفعاله المضاف إلى الضمير العائد على المبتدأ. وقال الزمخشري أيضاً : هل من شركائكم الذين اتخذتموهم أنداداً له من الأصنام وغيرها من يفعل شيئاً، قط


الصفحة التالية
Icon