" صفحة رقم ١٩٠ "
أن لا تفارقه إلى أن تدفن به، ثم تدفن في مكان لم يحظر لها ببال قط. وأسند العلم إلى الله، والدراية للنفس، لما في الدراية من معنى الختل والحيلة ؛ ولذا وصف الله بالعالم، ولا يوصف بالداري. وأما قوله :
لاهم لا أدري وأنت الداري
فقول عربي جلف جاهلي، جاهل بما يطلق على الله من الصفات، وما يجوز منها وما يمتنع. وقرأ الجمهور :) بِأَىّ أَرْضٍ ). وقرأ موسى الأسواري، وابن أبي عبلة : بأية أرض، بتاء التأنيث لإضافتها إلى الموت، وهي لغة قليلة فيهما. كما أن كلاً إذا أضيفت إلى مؤنث قد تؤنث، تقول : كلهنّ فعلن ذلك، وتدري معلقة في الموضعين. فالجملة من قوله :) مَّاذَا تَكْسِبُ ( في موضع مفعول ) تَدْرِى (، ويجوز أن يكون ماذا كلها موصولاً منصوباً بتدري، كأنه قال : وما تدري نفس الشيء التي تكسب غداً. وبأي متعلق بتموت، والباء ظرفية، أي : في أي أرض ؟ فالجملة في موضع نصب بتدري. ووقع الإخبار بأن الله استأثر بعلمه هذه الخمس، لأنها جواب لسائل سأل، وهو يستأثر بعلم أشياء لا يحصيها إلا هو، وهذه الخمس.