" صفحة رقم ٢٢٠ "
وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية، وصفية بنت حيي بن أخطب الخيبرية.
وقال أبو القاسم الصيرفي : لما خير رسول الله ( ﷺ ) )، بين ملك الدنيا ونعيم الآخرة، فاختار الآخرة، وأمر بتخيير نسائه ليظهر صدق موافقتهن، وكان تحته عشر نساء، زاد الحميرية، فاخترن الله ورسوله إلا الحميرية. وروي أنه قال لعائشة، وبدأ بها، وكانت أحبهن إليه :( إن ذاكر لك أمراً، ولا عليك أن لا تعجلي فيه تستأمري أبويك ). ثم قرأ عليها القرآن، فقالت : أفي هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، لا تخبر أزواجك أني اخترتك، فقال :( إنما بعثني الله مبلغاً ولم يبعثني متعنتاً ). والظاهر أنهن إذا اخترن الحياة الدنيا وزينتها، متعهن رسول الله وطلقهن، وأنه ليس باختيارهن ذلك يقع الفراق دون أن يوقعه هو. وقال الأكثرون : هي آية تخيير، فإذا قال لها : اختاري، فاختارت زوجها، لم يكن ذلك طلاقاً. وعن علي : تكون واحدة رجعية، وإن اختارت نفسها، وقعت طلقة بائنة عند أبي حنيفة وأصحابه، وهو قول علي ؛ وواحدة رجعية، وإن اختارت نفسها، وقعت طلقة بائنة عند أبي حنيفة وأصحابه، وهو قول علي ؛ وواحدة رجعية عند الشافعي، وهو قول عمر وابن مسعود ؛ وثلاث عند مالك. وأكثر الناس ذهبوا إلى أن الآية في التخيير والطلاق، وهو قول علي والحسن وقتادة، قال هذا القائل. وأما أمر الطلاق فمرجأ، فإن اخترن أنفسهن، نظر هو كيف يسرحهن، وليس فيها تخيير في الطلاق، لأن التخيير يتضمن ثلاث تطليقات، وهو قد قال :) وَأُسَرّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (، وليس مع بت الطلاق سراح جميل. انتهى.
والذي يدل عليه ظاهر الآية هو ما ذكرناه أولاً من أنه علق على إرادتهن زينة الحياة الدنيا وقوع التمتيع والتسريح منه، والمعنى في الآية : أنه كان عظيم همكن ومطلبكن التعمق في الدنيا ونيل نعيمها وزينتها.
وتقدم الكلام في :) فَتَعَالَيْنَ ( في قوله تعالى :) قُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ ( في آل عمران. ) أُمَتّعْكُنَّ (، قيل : المتعة واجبة في الطلاق ؛ وقيل : مندوب إليها. والأمر في قوله :) وَمَتّعُوهُنَّ ( يقتضي الوجوب في مذهب الفقهاء، وتقدم الكلام في ذلك، وفي تفصيل المذاهب في البقرة. والتسريح الجميل إما في دون البيت، أو جميل الثناء، والمعتقد وحسن العشرة إن كان تاماً. وقرأ الجمهور :) أُمَتّعْكُنَّ (، بالتشديد من متع ؛ وزيد بن علي : بالتخفيف من أمتع، ومعنى ) أَعَدَّ ( : هيأ ويسر، واوقع الظاهر موقع المضمر تنبيهاً على الوصف الذي ترتب لهن به الأجر العظيم، وهو الإحسان، كأنه قال : أعدلكن، لأن من أراد الله ورسوله والدار الآخرة كان محسناً. وقراءة حميد الخراز :) أُمَتّعْكُنَّ وَأُسَرّحْكُنَّ (، بالرفع على الاستئناف ؛ والجمهور : بالجزم على جواب الأمر، أو على جواب الشرط، ويكون ) فَتَعَالَيْنَ ( جملة اعتراض بين الشرط وجزائه، ولا يضر دخول الفاء على جملة الاعتراض، ومثل ذلك قول الشاعر : واعلم فعلم المرء ينفعه
إن سوف يأتي كل ما قدرا
ثم نادى نساء النبي، ليجعلن بالهن مما يخاطبن به، إذا كان أمراً يجعل له البال. وقرأ زيد بن علي، والجحدري، وعمرو بن فائد الأسواري، ويعقوب : تأت، بتاء التأنيث، حملاً على معنى من ؛ والجمهور : بالياء، حملاً على لفظ من. ) بِفَاحِشَةٍ مُّبَيّنَةٍ ( : كبيرة من المعاصي، ولا يتوهم أنها الزنا، لعصمة رسول الله ( ﷺ ) )، من ذلك، ولأنه وصفها بالتبيين والزنا مما يتستر به، وينبغي أن تحمل الفاحشة على عقوق الزوج وفساد عشرته. ولما كان مكانهن مهبط الوحي من الأوامر والنواهي، لزمهن بسبب ذلك. وكونهن تحت الرسول أكثر مما يلزم غيرهن، فضوعف لهن الأجر والعذاب. وقرأ نافع، وحمزة، وعاصم، والكسائي :) يُضَاعِفُ (، بألف وفتح العين ؛ والحسن، وعيسى، وأبو عمرو : بالتشديد وفتح العين ؛ والجحدري، وابن كثير، وأبو عامر : بالنون وشد العين مكسورة ؛ وزيد بن علي، وابن محيصن، وخارجة، عن أبي عمرو : بالألف والنون والكسر ؛ وفرقة : بياء الغيبة والألف والكسر. ومن فتح العين رفع ) الْعَذَابَ (، ومن كسرها نصبه. ) ضِعْفَيْنِ ( : أي عذابين، فيضاف إلى عذاب سائر الناس عذاب آخر. وقال أبو