" صفحة رقم ٢٢٢ "
أي : لستن مثلهن إن اتقيتن الله، وذلك لما انضاف مع تقوى الله من صحبة الرسول وعظيم المحل منه، ونزول القرآن في بيتهن وفي حقهن. وقال الزمخشري :) إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ( : إن أردتن التقوى، وإن كن متقيات. ) فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ( : فلا تجبن بقولكنّ خاضعاً، أي ليناً خنثاً، مثل كلام المريبات والمومسات. ) فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ ( : أي ريبة وفجورا. انتهى. فعلى القول الأول يكون ) إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ( قيداً في كونهن لسن كأحد من النساء، ويكون جواب الشرط محذوفاً. وعلى ما قاله الزمخشري، يكون ) ءانٍ ( ابتداء شرط، وجوابه ) اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ (، وكلا القولين فيهما حمل. ) إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ( على تقوى الله تعالى، وهو ظاهر الاستعمال، وعندي أنه محمول على أن معناه : إن استقبلتن أحداً، ( فَلاَ تَخْضَعْنَ ). واتقى بمعنى : استقبل معروف في اللغة، قال النابغة : سقط النصيف ولم تردا إسقاطه
فتناولته واتقتنها باليد
أي : استقبلتنا باليد، ويكون هذا المعنى أبلغ في مدحهن، إذ لم يعلق فضيلتهن على التقوى، ولا علق نهيهن عن الخضوع بها، إذ هن متقيات لله في أنفسهن، والتعليق يقتضي ظاهره أنهن لسن متحليات بالتقوى. قال ابن عباس : لا ترخصن بالقول. وقال الحسن : لا تكلمن بالرفث. وقال الكلبي : لا تكلمن بما يهوى المريب. وقال ابن زيد : الخضوع بالقول ما يدخل في القلب الغزل. وقيل : لا تلن للرجال القول. أمر تعالى أن يكون الكلام خيراً، لا على وجه يظهر في القلب علاقة ما يظهر عليه من اللين، كما كان الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال برخيم الصوت ولينه، مثل كلام المومسات، فنهاهن عن ذلك، وقال الشاعر : يتكلم لو تستطيع كلامه
لانت له أروى الهضاب بالصخر
وقال آخر : لو أنها عرضت لأشمط راهب
عبد الإله ضرورة المتعبد
لرنا لرؤيتها وحسن حديثها
ولحالها رشداً وإن لم يرشد
وقرأ الجمهور :) فَيَطْمَعَ (، بفتح الميم ونصب العين، جواباً للنهي ؛ وأبان بن عثمان، وابن هرمز : بالجزم، فكسرت العين لالتقاء الساكنين، نهين عن الخضوع بالقول، ونهى مريض القلب عن الطمع، كأنه قيل : لا تخضع فلا تطمع. وقراءة النصب أبلغ، لأنها تقتضي الخضوع بسبب الطمع. وقال أبو عمر والداني : قرأ الأعرج وعيسى : فيَطمِع، بفتح الياء وكسر الميم. ونقلها ابن خالويه عن أبي السماء، قال : وقد روي عن ابن محيصن، وذكر أن الأعرج، وهو ابن هرمز، قرأ : فيُطمِعَ،