" صفحة رقم ٢٢٨ "
وأيضاً فتقديره : فعليه سنة الله بضمير الغيبة، ولا يجوز ذلك في الإغراء، إذ لا يغرى غائب. وما جاء من قولهم : عليه رجلاً، ليسنى له تأويل، وهو مع ذلك نادر. و ) الَّذِينَ خَلَوْاْ ( : الأنبياء، بدليل وصفهم بعد قوله :) الَّذِينَ يُبَلّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ ). ) وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ ( : أي مأموراته، والكائنات من أمره، فهي مقدورة. وقوله :) قَدْراً ( : أي ذا قدر، أو عن قدر، أو قضاء مقضياً وحكماً مثبوتاً. و ) الَّذِينَ ( : صفة الذين خلوا، أو مرفوع، أو منصوب على إضمارهم، أو على أمدح. وقرأ عبد الله : الذين بلغوا، جعله فعلاً ماضياً. وقرأ أبي : رسالة الله على التوحيد ؛ والجمهور : يبلغون رسالات جمعاً. ) وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ( : أي محاسباً على جميع الأعمال والعقائد، أو محسباً : أي كافياً.
ثم نفى تعالى كون رسوله ) أَبَا أَحَدٍ مّن رّجَالِكُمْ (، بينه وبين من تبناه من حرمة الصهارة والنكاح ما يثبت بين الأب وولده. هذا مقصود هذه الجملة، وليس المقصود أنه لم يكن له ولد، فيحتاج إلى الاحتجاج في أمر بنيه بأنهم كانوا ماتوا، ولا في أمر الحسن والحسين بأنهما كانا طفلين. وإضافة رجالكم إلى ضمير المخاطبين يخرج من كان من بنيه، لأنهم رجاله، لا رجال المخاطبين. وقرأ الجمهور ؛ ) وَلَاكِن رَّسُولَ (، بتخفيف لكن ونصب رسول على إضمار كان، لدلالة كان المتقدّمة عليه ؛ قيل : أو على العطف على ) أَبَا أَحَدٍ ). وقرأ عبد الوارث، عن أبي عمرو : بالتشديد والنصب على أنه خبر لكن، والخبر محذوف تقديره :) وَلَاكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيّينَ ( هو، أي محمد ( ﷺ ) ). وحذف خبر لكن واخواتها جائز إذا دل عليه الدليل. ومما جاء في ذلك قول الشاعر : فلو كنت ضبياً عرفت قرابتي
ولكنّ زنجياً عظيم المشافر
أي : أنت لا تعرف قرابتي. وقرأ زيد بن علي، وابن أبي عبلة : بالتخفيف، ورفع ورسوله وخاتم، أي ولكن هو رسول الله، كما قال الشاعر : ولست الشاعر السقاف فيهم
ولكن مدرة الحرب العوال
أي : لكن أنا مدرة. وقرأ الجمهور :) خاتم (، بكسر التاء، بمعنى أنه ختمهم، أي جاء آخرهم. وروي عنه أنه قال : أنا خاتم نبي، وعنه : أنا خاتم النبيين في حديث واللبنة. وروي عنه، عليه السلام، ألفاظ تقتضي نصاً أنه لا نبي بعده ( ﷺ ) )، والمعنى أن لا يتنبأ أحد بعده، ولا يرد نزول عيسى آخر الزمان، لأنه ممن نبىء قبله، وينزل عاملاً على شريعة محمد ( ﷺ ) ) مصلياً إلى قبلته كأنه بعض أمته. قال ابن عطية : وما ذكره القاضي أبو الطيب في كتابه المسمى بالهداية، من تجويز الاحتمال في ألفاظ هذه الآية ضعيف، وما ذكره الغزالي في هذه الآية، وهذا المعنى في كتابه الذي سماه بالاقتصاد، وتطرق إلى ترك تشويش عقيدة المسلمين في ختم محمد ( ﷺ ) ) النبوة، فالحذر الحذر منه، والله الهادي برحمته. وقرأ الحسن، والشعبي، وزيد بن علي، والأعرج : بخلاف ؛ وعاصم : بفتح التاء بمعنى : أنهم به ختموا، فهو كالخاتم والطابع لهم.
ومن ذهب


الصفحة التالية
Icon