" صفحة رقم ٢٣٦ "
ذلك، وإنما احتقر عائشة لأنها كانت صبية. ومن في ) مِنْ أَزْوَاجٍ ( زائدة لتأكيد النفي، وفائدته استغراق جنس الأزواج بالتحريم. وقيل : الآية منسوخة، واختلف في الناسخ فقيل : بالسنة. قال عائشة : ما مات حتى حل له النساء. وروي ذلك عن أم سلمة، وهو قول علي وابن عباس والضحاك، وقيل بالقرآن، وهو قوله :) تُرْجِى مَن تَشَاء مِنْهُنَّ ( الآية. قال هبة الله الضرير : في الناسخ والمنسوخ له، وقال : ليس في كتاب الله ناسخ تقدم المنسوخ سوى هذا. قال ابن عطية : وكلامه يضعف من جهات. انتهى. وقيل : قوله ) إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْواجَكَ ( الآية، فترتيب النزول ليس على ترتيب كتابة المصحف. وقد روي عن ابن عباس القولان : إنها محكمة، وإنها منسوخة.
( وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ (، قيل : منهن أسماء بنت عميس الخثعمية، امرأة جعفر بن أبي طالب. والجملة، قال الزمخشري، في موضع الحال من الفاعل، وهو الضمير في ) تُبَدَّلُ (، لا من المفعول الذي هو ) مِنْ أَزْوَاجٍ (، لأنه موغل في التنكير، وتقديره : مفروضاً إعجابك لهن ؛ وتقدم لنا في مثل هذا التركيب أنه معطوف على حال محذوفة، أي ) وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ ( على كل حال، ولو في هذه الحال التي تقتضي التبدل، وهي حالة الإعجاب بالحسن. قال ابن عطية : وفي هذا اللفظ ) أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ (، دليل على جواز أن ينظر الرجل إلى من يريد زواجها. انتهى. وقد جاء ذلك في السنة من حديث المغيرة بن شعبة، وحديث محمد بن مسلمة.
( إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ( : أي فإنه يحل لك. وأما إن كانت موصولة واقعة على الجنس، فهو استثناء من الجنس، يختار فيه الرفع على البدل من النساء. ويجوز النصب على الاستثناء، وإن كانت مصدرية، ففي موضع نصب، لأنه استثناء من غير جنس الأول، قاله ابن عطية، وليس بجيد، لأنه قال : والتقدير : إلا، ملك اليمين، وملك بمعنى : مملوك، فإذا كان بمعنى مملوك صار من حملة النساء لأنه لم يرد حقيقة المصدر، فيكون الرفع هو أرجح، ولأنه قال : وهو في موضع نصب، ولا يتحتم أن يكون في موضع نصب. ولو فرضنا أنه من غير الجنس حقيقة، بل الحجاز تنصب وتميم تبدل، لأنه مستثنى، يمكن توجه العامل عليه، وإنما يكون النصب متحتماً حيث كان المستثنى لا يمكن توجه العامل عليه نحو : ما زاد المال إلا النقص، فلا يمكن توجه الزيادة على النقص، ولأنه قال : استثناء من غير الجنس. وقال مالك : بمعنى مملوك فناقض. ) وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلّ شَىْء رَّقِيباً ( : أي راقباً، أو مراقباً، ومعناه : حافظ وشاهد ومطلع، وهو تحذير عن مجاوزة حدوده وتخطي حلاله وحرامه.
( رَّقِيباً يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِىّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُواْ ).
في الصحيحين، أنه ( ﷺ ) ) لما تزوج زينب بنت جحش، دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون، فأخذ كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام، وقام من القوم من قام، وقعد ثلاثة، فجاء فدخل، فإذا القوم جلوس، فرجع وأنهم قاموا فانطلقوا، وجئت فأخبرته أنهم قد انطلقوا، فجاء حتى دخل، وذهبت أدخل، فألقى الحجاب بيني وبينه، وأنزل عليه هذه الآية. قال ابن عباس : كان ناس يتحينون طعامه، عليه الصلاة والسلام، فيدخلون عليه قبل الطعام إلى أن يدرك، ثم يأكلون ولا يخرجون، وكان يتأذى بهم، فنزلت. وأما سبب الحجاب، فعمر قال : يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن


الصفحة التالية
Icon