" صفحة رقم ٣٠٦ "
يحولها إلى غير أهلها، وإن كان ذلك كائن لا محالة. واستشهد عليهم مما كانوا يشاهدونه في مسايرهم ومتاجرهم، في رحلتهم إلى الشام والعراق واليمن من آثار الماضين، وعلامات هلاكهم وديارهم، كديار ثمود ونحوها، وتقدّم الكلام على نظير هذه الجملة في سورة الروم. وهناك ) كَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ( : استئناف إخبار عن ما كانوا عليه، وهنا :) وَكَانُواْ ( : أي وقد كانوا، فالجملة حال، فهما مقصدان. ) وَمَا كَانُواْ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ ( : أي ليفوته ويسبقه، ( مِن شَىْء ( : أي شيء، و ) مِنْ ( لاستغراق الأشياء ) إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً ( : فبعلمه يعلم جميع الأشياء، فلا يغيب عن علمه شيء، وبقدرته لا يتعذر عليه شيء.
ثم ذكر تعالى حلمه تعالى على عباده في تعجيل العقوبة فقال :) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ ( : أي من الشرك وتكذيب الرسل، وهو المعنى في الآية التي في النحل، وهو قوله :) بِظُلْمِهِمْ (، وتقدّم الكلام على نظير هذه الآية في النحل، وهناك ) عَلَيْهَا (، وهنا على ) ظَهْرِهَا (، والضمير عائد على الأرض، إلا أن هناك يدل عليه سياق الكلام، وهنا يمكن أن يعود على ملفوظ به، وهو قوله :) فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِى الاْرْضِ ). ولما كانت حاملة لمن عليها، استعير لها الظهر، كالدابة الحاملة للأثقال، ولأنه أيضاً هو الظاهر بخلاف باطنها. فإنه ) كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً ( : توعد للمكذبين، أي فيجازيهم بأعمالهم.