" صفحة رقم ٣٢١ "
والثمر وغير ذلك. وكل صنف زوج، مختلف لونا وطعما وشكلا وصغرا وكبرا ( ومن أنفسهم ) ذكورا وإناثا ( مما يعلمون ) أي : أنواعا مما لا يعلمون أعلموا بوجوده ولم يعلموا ما هو، إذ لا يتعلق علمهم بما هيته أمر محتاج إليه في دين ولا دنيا. وفي إعلامه بكثرة مخلوقاته دليل على اتساع ملكه، وعظم قدرته. ولما ذكر تعالى الاستدلال بأحوال الأرض وهي المكان الكلي ذكر الاستدلال بالليل والنهار وهو الزمان الكلي وبينهما مناسبة، لأن المكان لا تستغني عنه الجواهر، والزمان لا تستغني عنه الأعراض، لأن كل عرض فهو في زمان ومثله مذكور في قوله :) ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ( [ فصلت : ٣٧ ] ثم قال بعده ) ومن آياته أنك ترى الأرض هامدة ( [ فصلت : ٣٩ ] الآية وبدأ هناك بالزمان، لأن المقصود إثبات الوحدانية بدليل قوله ( لا تسجدوا للشمس ولا للقمر ) الآية. ثم الحشر بقوله ( إن الذي أحياها لمحيي الموتى ) وهذا المقصود الحشر أولا، لأن ذكره فيها أكثر، وذكر التوحيد في فصلت أكثر بدليل قوله ( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض ) انتهى. وهو من كلام أبي عبد الله الرازي وفيه تلخيص. و ( نسلخ ) معناه : نكشط ونقشر، وهو استعارة لإزالة الضوء وكشفه عن مكان الليل. و ( مظلمون ) داخلون في الظلام كما ثقول أعتمنا وأسحرنا، دخلنا في العتمة وفي السحر. واستدل قوم بهذا على أن الليل اصل والنهار فرع طارىء عليه، ومستقر الشمس بين يدي العرش تسجد فيه كل ليلة بعد غروبها كما جاء في حديث أبي ذر ( ويقال لها اطلعي من حيث طلعت فإذا كان طلوعها من مغربها يقال لها اطلعي من حيث غربت فذلك حين ) لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ( [ الأنعام : ١٥٨ ]، وقال ابن عباس :' إذا غربت وانتهت إلى الموضع الذي لا تتجاوزه استوت تحت العرش إلى ان تطلع '. وقال الحسن :' للشمس في السنة ثلاثمائة وستون مطلعا، تنزل كل يوم مطلعا، ثم لا تنزل إلى الحول وهي تجري في فلك المنازل، أو يوم القيامة، أو غيبوبتها، لأنها تجري كل وقت إلى حد محدد تغرب فيه، أو أحد مطالعها في المنقلبين، لأنهما نهايتها مطالعها فإذا استقر وصولها كرت راجعة وإلا فهي لا تستقر عن حركتها طرفة عين '. ونحا إلى هذا ابن قتيبة أو وقوفها عند الزوال كل يوم، ودليل استقرارها وقوف ذلك الظلام حينئذ. وقال الزمخشري :' بمستقر لها لحد لها مؤقت مقدر تنتهي إليه من فلكها في ى خر السنة. شبه بمستقر المسافر إذا قطع مسيره أو كمنتهى لها من المشاق والمغارب لأنها تتقصاها مشرقا مشرقا، ومغربا مغربا، حتى تبلغ أقصاها، ثم ترجع فلذلك حدها ومستقرها لأنها تعدوه أو لا يعدلها من مسيرها كل يوم في مرأى عيوننا وهو المغرب. وقيل : مستقرها : محلها الذي أقر الله عليه أمرها في جريها فاستقرت عليه، وهو آخر السنة. وقيل : الوقت الذي تستقر فيه وينقطع جريها، وهو يوم القيامة، وقال أبو عبد الله الرازي : ما ملخصه :' في المستقر وجوه في الزمان وفي المكان، ففي الزمان الليل، أو السنة، أو يوم القيامة. وفي المكان : غاية ارتفاعها في الصيف، وانخفاضها في الشتاء، ويجري إلى ذلك الموضع فترجع، أو غاية مشارقها، فلها في كل يوم مشرق إلى سنة أشهر، ثم تعود على تلك المقنطرات، وهذا هو ما تقدم في الارتفاع، فإن اختلاف المشارق، سبب اختلاف الارتفاع، أو وصولها إلى بيتها في الأسد أو الدائرة التي عليها حركتها حيث لا تميل عن منطقة البروج على مرور الشمس. ويحتمل أن يقال : تجري مجرى مستقرها فإن أصحاب الهيئة قالوا : الشمس في فلك والفلك يدور فيدير الشمس، فالشمس تجري مجرى مستقرها '. انتهى. وقرىء ( إلى مستقرها )، وقرأ عبد الله وابن عباس وعكرمة وعطاء بن رباح وزين العابدين والباقر وابنه الصادق وابن أبي عبدة ( لا مستقر لها ) نفيا. مبنيا على الفتح. فيقتضي انتفاء كل مستقر وذلك في الدنيا، أي : هي تجري دائما فيها لا تستقر إلا ابن أبي عبلة فإنه قرأ برفع ( مستقر ) وتنويه على