" صفحة رقم ٣٢٤ "
( وخلقنا ) أنه أريد الإنشاء والاختراع، فالمراد الإبل وما يركب، وتكون ( من ) للبيان، وإن كان ما يصنعه الإنسان قد ينسب إلى الله خلقا، لكن الأكثر ما ذكرنا، وإذا أريد به السفن تكون ( من ) للتبعيض، و ( لهم ) الظاهر عوده على ما عاد عليه ( وآية لهم ) لأنه المحدث عنهم. وجوز أن يعود على الذرية والظاهر : أن الضمير في ( مثله ) عائد على ( الفلك )، وقيل : يعود على معلوم غير مذكور. وتقديره : من مثل ما ذكرنا من المخلوقات في قوله ( سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ) كما قالوا في قوله ( من ثمره ) أي : من ثمر ما ذكرنا. وقرأ الحسن ( نغرقهم ) مشددا. والجمهور مخففا. والصريخ : فعيل بمعنى صاروخ. أي : مستغيث. بمعنى مصرخ أي مغيث لهم ولا معين، وقال الزمخشري :' ( فلا صريخ لهم ) أي : فلا إغاثة لهم '. انتهى. كأنه جعله مصدرا من أفعل ويحتاج إلى نقل أن صريخا يكون مصدرا بمعنى صراخ والظاهر : أن قوله ( فلا صريخ لهم ) أي : لا مغيث لهؤلاء الذين شاء الله إغراقهم ( ولا هم منقذون ) أي : ينجون من الموت بالغرق نفي أولا الصريخ وهو خاص، ثم نفى ثانيا إنقاذهم انتهى. وليس بحسن ولا أحسن. والفاء في ( فلا صريخ لهم ) تعلق الجملة بما قبلها تعليقا واضحا، وترتبط به ربطا لائحا، والخلاص من العذاب بما يدفعه من أصله، فنفي بقوله ( فلا صريخ لهم ) وما يرفعه بعععد وقوعه فنفي بقوله ( ولا هم ينقذون ) وانتصب ( رحمة ) على الاستثناء المفرغ للمفعول من أجله. أي : لرحمة منا. وقال الكسائي والزجاج :' إلى حين '. أي : إلى حين الموت. قاله قتادة. وقال الزمخشري :' إما الرحمة منا، وليتمتع بالحياة إلى حين. أي : إلى أجل يموتون فيه لا بد لهم منه بعد النجاة من موت الغرق '. انتهى. وإنما قال :' لا بد لهم من موت الغرق '، لأنه تعالى قال ( وإن نشأ ) أي : إغراقهم ( نغرقهم ) فمن شاء أغراقه لا بد أن يموت بالغرق. والظاهر : أن ( رحمة ) ( ومتاعا إلى حين ) يكون للذين ينقذون، فلا يفيد الدوام بل ينقذه الله رحمة له، ويمتعه إلى حين ثم يمينه. وقيل : فيه تقسيم إلا رحمة لمن علم أنه يؤمن فينقذه الله رحمة، ومن علم أنه لا يؤمن بمنعه زمانا ويزداد إثما.
( وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما وما خلفكم لعلكم ترحمون، وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين، وإذا قيل لهم اتقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين، ويقولن متى هذا الوعد إن كنتم صادقين، ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون، فلا يستطيعون نوصية ولا إلى أهلهم يرجعون، ونفخ فس السور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون، قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون، وإن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون، فاليوم لا تظلم نفس ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون (
الضمير في ( لهم ) لقريش. و ( ما بين أيديكم ) قال قتادة ومقاتل :' عذاب الأمم قبلكم ' ( وما خلفكم ) عذاب الآخرة ' ز. وقال مجاهد : عكسه. وقال الحسن :' خوفوا بما مضى من ذنوبهم وما يأتي منها '، وقال مجاهد أيضا كقول الحسن : ما تقدم من ذنوبكم وما تأخر ' ( لعلكم ترحمون ) وجواب ( إذغ ) محذوف يدل عليه ما بعده. أي : أعرضوا ( وما تأتيهم من آية ) أي : دأبهم الإعراض عند كل آية تأتيهم ( وإذا قيل لهم أنفقوا ) لما أسلم حواشي الكفار من أقربائهم ومواليهم من المستضعفين قطعوا عنهم ما كانوا يواسونهم به، وكان ذلك بمكة أولا قبل نزول آيات القتال، فندبهم المؤمنون إلى صلة قراباتهم فقالوا ( أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ) وقيل : سحق قريش بسبب أذية المساكين من مؤمن وغيره فندبهم النبي ( ﷺ ) إلى النفقة عليهم فقالوا هذا القول. وقيل : قال فقراء المؤمنين أعطونا ما زعمتم من أموالكم إنها لله فحرموهم وقالوا