" صفحة رقم ٣٣٣ "
أبدع شيء وهو اقتداح النار من الشيء الأخضر ألا ترى أن الماء يطفىء النار ومع ذلك خرجت مما هو مشتمل على الماء. والأعراب توري النار من الشجر الأخضر وأكثرها من المرخ، والعفار. وفي أمثالهم :' في كل شيء نار، واستمجد المرخ والعفار '. يقطع الرجل منهما غصنين - مثل السواكين - وهما أخضران، يقطر منهما الماء، فيستحق المرخ وهو ذكر والعفار وهي أنثي، ينقدح النار بإذن الله عز وجل. وعن ابن عباس :' ليس شجر إلا وفيه نار إلا العفار '. وقرأ الجمهور ( الأخضر ) وقرىء ( الخضراء ) وأهل الحجاز يؤنثون الجنس المميز واحده بالتاء. وأهل نجد يذكرون ألفاظا، واستثنيت في كتب النحو. ثم ذكر ما هو أبدع وأغرب من خلق الأنسان من نطفة، ومن غعادة الموتى وهو إنشاء هذه المخلوقات العظيمة الغريبة من صرف عدم العدم إلى الوجود فقال ( أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ) وقرأ الجمهور ( بقادر ) بباء الجر داخله على اسم الفاعل. وقرأ الجحدري، وابن أبي إسحاق، والأعرج، وسلام، ويعقوب، ( بقدر ) فعلا مضارعا. أي : من قدر على خلق السموات والأرض من عظم شأنهما كان على خلق الأناس قادرا والضمير في ( مثلهم ) عائد على الناس. قاله الرماني، وقال جماعة من المفسرين :' عائد على السموات والأرض ' وعاد الضمير عليهما كضمير من يعقل من حيث كانت متضمنه من يعقل من الملائكة والثقلين. وقال الزمخشري :' مثلهم ' يحتمل معنيين، أن يخلق مثلهم في الصغر والقماءة بالإضافة إلى السموات والأرض. أو أن يعيدهم لأن المصادر مثل للمبتدأ وليس به '. انتهى. ويقول : إن المعاد هو عين المبتدأ ولو كان مثله لم يسم ذلك إعادة، بل يكون إنشاء مستأنفا. وقرأ الجمهور ( الخلاق ) بصيغة المبالغة لكثرة مخلوقاته. وقرأ الحسن، والجحدري، ومالك بن دينار، وزيد بن علي ( الخالق ) اسم فاعل ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) تقدم شرح مثل هذه الجملة. والخلاف في ( فيكون ) من حيث القراءة نصبا ورفعا. ( فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء ) تنزيه عام له تعالى من جميع النقائص. وقرأ الجمهور ( ملكوت ) وطلحة والأعمش ( ملكه ) على وزن شجرة. ومعناه : ضبط كل شيء والقدرة عليه. وقرىء ( مملكة ) على وزن مفعلة. وقرىء ( ملك ) والمعنى : أنه متصرف فيه على ما أراد وقضى. والجمهور ( ترجعون ) مبنيا للمفعول وزيد بن علي مبنيا للمفعول للفاعل.


الصفحة التالية
Icon