" صفحة رقم ٣٥٤ "
العراء : الأرض الفيحاء لا شجر فيها ولا يعلم، قال الشاعر : رفعت رجلاً لا أخاف عثارها
ونبذت بالمين العراء ثيابي
اليقطين : يفعيل كاليفصيد، من قطن : أقام بالمكان، وهو بالمكان، وهو ما كان من الشجر لا يقوم على ساق من عود، كشجر البطيخ والحنظل والقثاء. الساحة : الفناء، وجمعها سوح، قال الشاعر : فكان سيان أن لا يسرحوا نعما
أو يسرحوه بها واغبرت السوح
) وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إِلَى رَبّى سَيَهْدِينِ رَبّ هَبْ لِى مِنَ الصَّالِحِينِ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْىَ قَالَ يابُنَىَّ بَنِى إِنّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ ياأَبَتِ قَالَ ياأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَن ياإِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَاذَا لَهُوَ الْبَلاَء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى الاْخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْراهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مّنَ الصَّالِحِينَ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لّنَفْسِهِ مُبِينٌ ).
لما سلمه الله منهم ومن النار التي ألقوه فيها، عزم على مفارقتهم، وعبر بالذهاب إلى ربه عن هجرته إلى أرض الشام. كما قال :) إِنّى مُهَاجِرٌ إِلَى رَبّى (، ليتمكن من عبادة ربه ويتضرع له من غير أن يلقي من يشوش عليه، فهاجر من أرض بابل، من مملكة نمرود، إلى الشأم. وقيل : إلى أرض مصر. ويبعد قول من قال : ليس المراد بذهابه الهجرة، وإنما مراده لقاء الله بعد الإحراق، ظانا منه أنه سيموت في النار، فقالها قبل أن يطرح في النار. و ) سَيَهْدِينِ ( : أي إلى الجنة، نحا إلى هذا قتادة، لأن قوله :) رَبّ هَبْ لِى مِنَ الصَّالِحِينِ ( يدفع هذا القول، والمعتقد أنه يموت في النار لا يدعو بأن يهب الله له ولداً صالحاً. ) سَيَهْدِينِ ( : يوفقني إلى ما فيه صلاحي. ) مّنَ الصَّالِحِينَ ( : أي ولداً يكون في عداد الصالحين. ولفظ الهبة غلب في الولد، وإن كان قد جاء في الأخ، كقوله :) وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً ). واشتملت البشارة على ذكورية المولود وبلوغه سن الحلم ووصفه بالحلم، وأي حلم أعظم من قوله، وقد عرض عليه أبوه الذبح :) سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ( ؟
) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْىَ (، بين هذه الجملة والتي قبلها محذوف تقديره : فولد له وشب. ) فَلَمَّا بَلَغَ ( : أي أن يسعى مع أبيه في أشغاله وحوائجه. وقال ابن عباس، ومجاهد، وابن زيد : والسعى هنا : العمل والعبادة والمعونة. وقال قتادة : السعي على القدم، يريد سعياً متمكناً، وفيه قال الزمخشري : لا يصح تعلقه ببلغ به بلوغهما معاً حد السعي ولا بالسعي، لأن أصله المصدر لا يتقدم عليه، فنفى أن يكون بياناً، كأنه لما قال :) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْىَ (، أي الحد الذي يقدر فيه على السعي، قيل : مع من ؟ فقال : مع أبيه، والمعنى في اختصاص الأب أنه أرفق الناس وأعطفهم عليه وعلى غيره وبما عنف عليه في الاستسعاء، فلا يحتمله، لأنه لم يستحكم قوله، ولم يطلب عوده، وكان إذ ذاك ابن ثلاث عشرة سنة. انتهى.
( قَالَ يَاءادَمُ بَنِى ( : نداء شفقة وترحم. ) إِنّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنّى أَذْبَحُكَ ( : أي بأمر من الله، ويدل عليه :) افْعَلْ مَا ). ورؤيا الأنبياء


الصفحة التالية
Icon