" صفحة رقم ٣٧٠ "
توحيد الله. ) إِنْ هَاذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ ( : أي افتعال وكذب.
( عَلَيْهِ الذّكْرُ مِن بَيْنِنَا بْل ( : أنكروا أن يختص بالشرف من بين أشرافهم وينزل عليه الكتاب من بينهم، وهذا الإنكار هو ناشىء عن حسد عظيم انطوت عليه صدورهم فنطقت به ألسنتهم. ) بْل هُمْ فَى شَكّ مّن ذِكْرِى ( : أي من القرآن الذي أنزلت على رسولي يرتابون فيه، والإخبار بأنهم في شك يقتضي كذبهم في قولهم :) إِنْ هَاذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ ). ) بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ ( : أي بعد، فإذا ذاقوه عرفوا أن ما جاء به حق وزال عنهم الشك. ) أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبّكَ ( : أي ليسوا متصرفين في خزائن الرحمة، فيعطون ما شاؤوا، ويمنعون من شاؤوا ما شاؤوا، ويصطفون للرسالة من أرادوا، وإنما يملكها ويتصرف فيها ) الْعَزِيزُ ( : الذي لا يغالب، ( الْوَهَّابُ ( : ما شاء لمن شاء.
لما استفهم استفهام إنكار في قوله :) أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبّكَ (، وكان ذلك دليلاً على انتفاء تصرفهم في خزائن رحمة ربك، أتى بالإنكار والتوبيخ بانتفاء ما هو أعم فقال :) أَمْ لَهُم مٌّ لْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ( : أي ليس لهم شيء من ذلك. ) فَلْيَرْتَقُواْ ( : أي ألهم شيء من ذلك، فليصعدوا، ( فِى الاْسْبَابُ (، الموصولة إلى السماء، والمعارج التي يتوصل بها إلى تدبير العالم، فيضعون الرسالة فيمن اختاروا. ثم صغرهم وحقرهم، فأخبر بما يؤول إليه أمرهم من الهزيمة والخيبة. قيل : وما زائدة، ويجوز أن تكون صفة أريد به التعظيم على سبيل الهزء بهم، أو التحقير، لأن مال الصفة تستعمل على هذين المعنيين. و ) هُنَالِكَ ( : ظرف مكان يشار به للبعيد. والظاهر أنه يشار به للمكان الذي تفاوضوا فيه مع رسول الله ( ﷺ ) )، بتلك الكلمات السابقة، وهو مكة، فيكون ذلك إخباراً بالغيب عن هزيمتهم بمكة يوم الفتح، فالمعنى أنهم يصيرون مهزومين بمكة يوم الفتح. وقيل :) هُنَالِكَ (، إشارة إلى الإرتقاء في الأسباب، أي هؤلاء القوم إن راموا ذلك جند مهزوم. وقيل : أشير بهنالك إلى جملة الأصنام وعضدها، أي هم جند مهزوم في هذه السبيل. وقال مجاهد، وقتادة : الإشارة إلى يوم بدر، وكان غيباً، أعلم الله به على لسان رسوله. وقيل : الإشارة إلى حصر عام الخندق بالمدينة. وقال الزمخشري : وهنالك، إشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل ذلك القول العظيم من قولهم : لمن يندبه لأمر ليس من أهله، لست هنالك. انتهى. و ) هُنَالِكَ (، يحتمل أن يكون في موضع الصفة لجند، أي كائن هنالك ؛ ويحتمل أن يكون متعلقاً بمهزوم، وجند خبر مبتدأ محذوف، أي هم جند، ومهزوم خبره. وقال أبو البقاء : جند مبتدأ، وما زائدة، وهنالك نعت، ومهزوم الخبر. انتهى. وفيه بعد لفصله عن الكلام الذي قبله. ومعنى ) مّن الاْحَزَابِ ( : من جملة الأحزاب الذين تعصبوا في الباطل وكذبوا الرسل. ولما ذكر تعالى أنه أهلك قبل قريش قروناً كثيرة لما كذبوا رسلهم، سرد منهم هنا من له تعلق بعرفانه. و ) ذُو الاْوْتَادِ ( : أي صاحب الأوتاد، وأصله من ثبات البيت المطنب بأوتاده. قال الأفوه العوذي : والبيت لا يبتنى إلا على عمد
ولا عماد إذا لم ترس أوتاد
فاستعير لثبات العز والملك واستقامة الأمر، كما قال الأسود : في ظل ملك ثابت الأوتاد


الصفحة التالية
Icon