" صفحة رقم ٣٨٢ "
وقتادة، وأبو جعفر : الرياح بالجمع، وهو أعم لعظم ملك سليمان، وإن كان المفرد بمعنى الجمع لكونه اسم جنس. ) تَجْرِى ( : يحتمل أن تكون جملة حالية، أي جارية، وأن تكون تفسيرية لقوله :) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرّيحَ ). ) بِأَمْرِهِ ( ؛ أي لا يمتنع عليه إذا أراد جريها. ) رُخَاء (، قال ابن عباس والحسن والضحاك : مطيعة. وقال مجاهد : طيبة. ) حَيْثُ أَصَابَ ( : أي حيث قصد وأراد، حكى الزجاج عن العرب. أصاب الصواب فأخطأ الجواب : أي قصد. وعن رؤية أن رجلين من أهل اللغة قصداه ليسألاه عن هذه الكلمة، فخرج إليهما فقال : أين تصيبان ؟ فقال : هذه طلبتنا. ويقال : أصاب الله بك خيراً، وأنشد الثعلبي : أصاب الكلام فلم يستطع
فأخطأ الجواب لدى المفصل
وقال وهب : حيث أصاب، أي أراد. قيل : ويجوز أن يكون أصاب دخلت فيه همزة التعدية من صاب، أي حيث وجه جنوده وجعلهم يصوبون صوب السحاب والمطر. وقيل : أصاب : أراد، بلغة حمير. وقال قتادة : بلغة هجر. ) وَالشَّيَاطِينَ ( : معطوف على الريح و ) كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ ( : بدل، وأتى ببنية المبالغة، كما قال :) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ ( الآية، وقال النابغة : إلا سليمان إذ قال الإله له
قم في البرية فاحددها عن الفند
وجيش الجنّ إني قد أذنت لهم
يبنون تدمر بالصفاح والعمد
والمعطوف على العام عام، فالتقدير : وكل غواص، أي في البحر يستخرجون له الحلية، وهو أول من استخرج الدر. ) وَءاخَرِينَ ( : عطف على كل، فهو داخل في البدل، إذ هو بدل كل من كل بدل التفصيل، أي من الجنّ، وهم المردة، سخرهم له حتى قرنهم في الأصفاد لكفرهم. وقال النابغة في ذلك : فمن أطاعك فانفعه بطاعته
كما أطاعك وادلله على الرشد
ومن عصاك فعاقبه معاقبة تنهى الظلوم ولا تقعد على ضمد
وتقدم تفسير ) مُّقَرَّنِينَ فِى الاْصْفَادِ ( في آخر سورة إبراهيم عليه السلام، وأوصاف من ملك سليمان في سورة النمل. ) هَاذَا عَطَاؤُنَا ( : إشارة لما أعطاه الله تعالى من الملك الضخم وتسخير الريح والإنس والجنّ والطير، وأمره بأن يمنّ على من يشاء ويمسك عن من يشاء. وقفه على قدر النعمة، ثم أباح له التصرف فيها بمشيئته، وهو تعالى قد علم أنه لا يتصرف إلا بطاعة الله. قال الحسن وغيره، قاله قتادة : إشارة إلى ما فعله الجن، أي فامتن على من شئت منهم، وأطلقه من وثاقه، وسرحه من خدمته، وامسك أمره كما تريد. وقال ابن عباس : إشارة إلى ما وهبه من النساء وأقدره عليهنّ من جماعهنّ، ولعله لا يصح عن ابن عباس، لأنه لم يجر هنا ذكر النساء، ولا ما أوتي من القدرة على ذلك، و ) بِغَيْرِ حِسَابٍ ( : في موضع الحال من ) عَطَاؤُنَا (، أي هذا عطاؤنا جماً كثيراً لا تكاد تقدر على حصر. ويجوز أن يكون ) بِغَيْرِ حِسَابٍ ( من تمام ) فَامْنُنْ ). أو أمسك : أي لا حساب عليك في إعطاء من شئت أو حرمانه، وفي إطلاق من شئت من الشياطين أو إيثاقه.
وختم تعالى قصته بما ذكر في قصة والده، وهو قوله :) فَغَفَرْنَا لَهُ ذالِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا ). وقرأ الجمهور :) وَحُسْنُ مَئَابٍ (، بالنصب عطفاً على ) الزلفى ). وقرأ الحسن، وابن أبي عبلة : بالرفع، ويقفان على ) عِندَنَا لَزُلْفَى (، ويبتدئانه ) وَحُسْنُ مَئَابٍ (، وهو مبتدأ، خبره محذوف تقديره : وحسن مآب له.