" صفحة رقم ٣٨٦ "
ذكرى. وقرأ باقي السبعة بالتنوين، و ) ذِكْرِى ( بدل من ) بِخَالِصَةٍ ). وقرأ الأعمش، وطلحة : بخالصتهم، و ) أَخْلَصْناهُمْ ( : جعلناهم لنا خالصين وخالصة، يحتمل، وهو الأظهر، أن يكون اسم فاعل به عن مزية أو رتبة أو خصلة خالصة لا شوب فيها، ويحتمل أن كون مصدراً، كالعاقبة، فيكون قد حذف منه الفاعل، أي أخلصناهم بأن أخلصوا ذكرى الدار، فيكون ذكرى مفعولاً، أو بأن أخلصنا لهم ذكرى الدار، أو يكون الفاعل ذكرى، أي بأن خلصت لهم ذكرى الدار، والدار في كل وجه من موضع نصب بذكرى، وذكرى مصدر، والدار دار الآخرة. قال قتادة : المعنى بأن خلص لهم التذكير بالدار الآخرة، ودعا الناس إليها وحضهم عليها. وقال مجاهد : خلص لهم ذكرهم الدار الآخرة، وخوفهم لها. والعمل بحسب ذلك. وقال ابن زيد : وهبنا لهم أفضل ما في الدار الآخرة، وأخلصناهم به، وأعطيناهم إياه. وقال ابن عطية : ويحتمل أن يريد بالدار دار الدنيا، على معنى ذكر الثناء والتعظيم من الناس، والحمد الباقي الذي هو الخلد المجازي، فتجيء الآية في معنى قوله :) لِسَانَ صِدْقٍ (، وقوله :) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى الاْخِرِينَ ). انتهى. وحكى الزمخشري هذا الاحتمال قولاً فقال : وقيل ) ذِكْرَى الدَّارِ ( : الثناء الجميل في الدنيا ولسان الصدق. انتهى. والباء في بخالصة باء السبب، أي بسبب هذه الخصلة وبأنهم من أهلها، ويعضده قراءة بخالصهم ) وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ (، أي المختارين من بين أبناء جنسهم، ( الاْخْيَارِ ( : جمع خير، وخير كميت وميت وأموات. وتقدم الكلام في اليسع في سورة الأنعام، وذا الكفل في سورة الأنبياء. وعندنا ظرف معمول لمحذوف دل عليه المصطفين، أي وأنهم مصطفون عندنا، أو معمول للمصطفين، وإن كان بأل، لأنهم يتسمحون في الظرف والمجرور ما لا يتسمحون في غيرهما، أو على التبيين، أي أعني عندنا، ولا يجوز أن يكون عندنا في موضع الخبر، ويعني بالعندية : المكانة، ولمن المصطفين : في موضع خبر ثان لوجود اللام، لا يجوز أن زيداً قائم لمنطلق، ( وَكُلٌّ ( : أي وكلهم، من الأخيار.
( هَاذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَئَابٍ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الاْبْوَابُ مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ وَعِندَهُمْ قَاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ هَاذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ إِنَّ هَاذَا لَرِزْقُنَا مَالَهُ مِن نَّفَادٍ هَاذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَئَابٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ هَاذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَءاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْواجٌ هَاذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَاذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِى النَّارِ وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مّنَ الاْشْرَارِ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الابْصَارُ إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَاهٍ إِلاَّ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ رَبّ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ).
لما أمره تعالى بالصبر على سفاهة قومه، وذكر جملة من الأنبياء وأحوالهم، ذكر ما يؤول إليه حال المؤمنين والكافرين من


الصفحة التالية
Icon