" صفحة رقم ٣٩٠ "
أن يكون قولهم :) أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الابْصَارُ ( له تعلق بقوله :) مَا لَنَا لاَ نَرَى رِجَالاً (، لأن الاستفهام أولاً دل على انتفاء رؤيتهم إياهم، وذلك دليل على أنهم ليسوا معه، ثم جوزوا أن يكونوا معه، ولكن أبصارهم لم ترهم. ) إِنَّ ذالِكَ أَيُّ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ وَإِنَّهُ لَحَقُّ ( : أي ثابت واقع لا بد أن يجري بينهم. وقرأ الجمهور :) تَخَاصُمُ ( بالرفع مضافاً إلى أهل. قال ابن عطية : بدل من ) لَحَقُّ ). وقال الزمخشري : بين ما هو فقال : تخاصم منوناً، أهل رفعاً بالمصدر المنون، ولا يجيز ذلك الفراء، ويجيزه سيبويه والبصريون. وقرأ ابن أبي عبلة : تخاصم، أهل، بنصب الميم وجر أهل. قال الزمخشري : على أنه صفة لذلك، لأن أسماء الإشارة توصف بأسماء الأجناس. وفي كتاب اللوامح : ولو نصب تخاصم أهل النار، لجاز على البدل من ذلك. وقرأ ابن السميفع : تخاصم : فعلاً ماضياً، أهل : فاعلاً، وسمى تعالى تلك المفاوضة التي جرت بين رؤساء الكفار وأتباعهم تخاصماً، لأنّ قولهم :) لاَ مَرْحَباً بِهِمْ (، وقول الأتباع :) بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ (، هو من باب الخصومة، فسمى التفاوض كله تخاصماً لاستعماله عليه. ) قُلْ ( : يا محمد، ( إِنَّمَا أَنَاْ مُنذِرٌ ( : أي ) مُنذِرُ الْمُشْرِكِينَ بِالْعَذَابِ (، وأن الله لا إله إلا الله، لا ند له ولا شريك، وهو الواحد القهار لكل شيء، وأنه مالك العالم، علوه وسفله، العزيز الذي لا يغالب، الغفار لذنوب من آمن به واتبع لدينه.
( قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ مَا كَانَ لِىَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمََلإِ الاْعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ إِن يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَا أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنّى خَالِقٌ بَشَراً مّن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ قَالَ يَاءادَمُ إِبْلِيسَ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِى إِلَى يَوْمِ الدّينِ قَالَ رَبّ فَأَنظِرْنِى إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لاَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ قُلْ مَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلّفِينَ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ ).
الضمير في قوله :) قُلْ هُوَ نَبَأٌ ( يعود على ما أخبر به ( ﷺ ) ) من كونه رسولاً منذراً داعياً إلى الله، وأنه تعالى هو المنفرد بالألوهية، المتصف بتلك الأوصاف من الوحدانية والقهر وملك العالم وعزته وغفرانه، وهو خبر عظيم لا يعرض عن مثله إلا غافل شديد الغفلة. وقال ابن عباس : النبأ العظيم : القرآن. وقال الحسن : يوم القيامة. وقيل : قصص آدم والإنباء به من غير سماع من أحد. وقال صاحب التحرير : سياق الآية وظاهرها أنه يريد بقوله :) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (، ما قصه الله تعالى من مناظرة أهل النار ومقاولة الأتباع مع السادات، لأنه من أحوال البعث، وقريش كانت تنكر البعث


الصفحة التالية
Icon