" صفحة رقم ٤٥٦ "
( سقط : يسيروا في الأرض فينظروا إلى نهاية الآية )
أمر تعالى نبيه بالصبر تأنيساً له، وإلافهو، عليه السلام، في غاية الصبر، وأخبر بأن ما وعده من النصر والظفر وإعلاء كلمته وإظهار دينه حق. قيل : وجواب ) فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ ( محذوف لدلالة المعنى عليه، أي فيقر عينك، ولا يصح أن يكون ) فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ( جواباً للمعطوف عليه والمعطوف، لأن تركيب ) فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ ( بعض الموعود في حياتك، ( فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ( ليس بظاهر، وهو يصح أن يكون جواب، ( أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ( : أي ) فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (، فننتقم منهم ونعذبهم لكونهم لم يتبعوك. ونظير هذه الآية قوله :) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِى وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ (، إلا أنه هنا صرح بجواب الشرطين. وقال الزمخشري :) فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ( متعلق بقوله :) نَتَوَفَّيَنَّكَ (، وجزاء ) نُرِيَنَّكَ ( محذوف تقديره : فإما نرينك بعض الذي نعدهم من العذاب، وهو القتل يوم بدر فذاك، أو أن نتوفينك قبل يوم بدر، فإلينا يرجعون يوم القيامة، فننتقم منهم أشد الانتقام. وقد تقدم للزمخشري نحو هذا البحث في سورة يونس في قوله :) وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ (، ورددنا عليه، فيطالع هناك. وقال الزمخشري أيضاً :) فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ ( أصله فإن نرك، وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط، ولذلك ألحقت النون بالفعل. ألا تراك لا تقول : إن تكرمني أكرمك، ولكن أما تكرمني أكرمك ؟ انتهى. وما ذهب إليه من تلازم ما لمزيده، ونون التوكيد بعد أن الشرطية هو مذهب المبرد والزجاج. وذهب سيبويه إلى أنك إن شئت أتيت بما دون النون، وإن شئت أتيت بالنون دون ما. قال سيبويه في هذه المسألة : وإن شئت لم تقحم النون ؛ كما أنك إذا جئت لم تجىء بما، يعني لم تقحم النون مع مجيئك بما، ولم تجىء بما مع مجيئك بالنون. وقرأ الجمهور : يرجعون بياء الغيبة مبنياً للمفعول ؛ وأبو عبد الرحمن، ويعقوب : بفتح الياء ؛ وطلحة بن مطرف، ويعقوب في رواية الوليد بن حسان : بفتح تاء الخطاب.
ثم رد تعالى على العرب في إنكارهم بعثة الرسل، وفي عدد الرسل اختلاف. روي أنه ثمانية آلاف من بني إسرائيل، وأربعة آلاف من غيرهم. وروي : بعث الله أربعة آلاف نبي، ( مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ ( : أي من أخبرناك به، أما في القرآن فثمانية عشر. ) وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ (، وعن علي، وابن عباس : أن الله بعث نبياً أسود في الحبش، فهو ممن لم يقصص عليه. ) وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِىَ بِئَايَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ( : أي ليس ذلك راجعاً إليهم، لما اقترحوا على الرسل قال : ليس ذلك إلى لا تأتي آية إلا إن شاء الله، ( فَإِذَا جَاء أَمْرُ اللَّهِ ( : رد ووعيد بإثر اقتراحهم الآيات، وأمر الله : لقيامة. والمبطلون : المعاندون مقترحون الآيات، وقد أتتهم الآيات، فأنكروها وسموها سحراً، أو ) فَإِذَا جَاء أَمْرُ اللَّهِ ( : أي أراد إرسال رسول وبعثة نبي، قضي ذلك


الصفحة التالية
Icon