" صفحة رقم ٥٠٢ "
( سقط : لتهدي إلى صراط مستقيم، صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلا الله تصير الأمور )
الظاهر أن ) وَقَالَ ( ماض لفظاً ومعنى، أي ) وَقَالَ الَّذِينَ ءامَنُواْ ( في الحياة الدنيا، ويكون يوم القيامة معمولاً لخسروا، ويحتمل أن يكون معنى ) وَقَالَ ( : ويقول، ويوم القيامة معمول لو يقولوا، أي ويقولوا في ذلك اليوم لما عاينوا ما حل بالكفار وأهليهم. الظاهر أنهم الذين كانوا أهليهم في الدنيا، فإن كانوا معهم في النار فقد خسروهم، أي لا ينتفعون بهم ؛ وإن كانوا في الجنة لكونهم كانوا في الجنة لكونهم كانوا مؤمنين، كآسية امرأة فرعون، فهم لا ينتفعون بهم أيضاً. وقيل : أهلوهم ما كان أعد لهم من الحور لو كانوا آمنوا، والظاهر أن قوله :) أَلاَ إِنَّ الظَّالِمِينَ فِى عَذَابٍ مُّقِيمٍ ( من كلام المؤمنين ؛ وقيل : استئناف إخبار من الله تعالى.
( مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ (، قيل : هو يوم ورود الموت، والظاهر أنه يوم القيامة. و ) مِنَ اللَّهِ ( متعلق بمحذوف يدل عليه ما مر، أي لا يرد ذلك اليوم من ما حكم الله به فيه. وقال الزمخشري :) مِنَ اللَّهِ ( : من صلة للأمرد. انتهى، وليس الجيد، إذ لو كان من صلته لكان معمولاً له، فكان يكون معرباً منوناً. وقيل :) مِنَ اللَّهِ ( يتعلق بقوله :) يَأْتِىَ (، من قبل أن يأتي من الله يوم لا يقدر أحد على رده. ) مَالَكُمْ مّن مَّلْجَأٍ ( تلجأون إليه، فتتخلصون من العذاب، ومالكم من إنكار شيء من أعمالكم التي توردكم النار، والنكير مصدر أنكر على غير قياس. قيل : ويحتمل أن يكون اسم فاعل للمبالغة، وفيه بعد، لأن نكر معناه لم يميز. ) فَإِنْ أَعْرَضُواْ ( الآية : تسلية للرسول وتأنيس له، وإزالة لهمه بهم. والإنسان : يراد به الجنس، ولذلك جاء :) وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ ). وجاء جواب الشرط ) فَإِنَّ الإنسَانَ ( ولم يأت فإنه، ولا فأنهم، ليدل على أن هذا الجنس موسوم بكفران النعم، كما قال :) إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (، ( إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبّهِ لَكَنُودٌ ).
ولما ذكر أنه يكفر النعم، أتبع ذلك بأن له ملك العالم العلوي والسفلي، وأنه يفعل ما يريد، ونبه على عظيم قدرته، وأن الكائنات ناشئة عن إرادته، فذكر أنه يهب لبعض إناثاً، ولبعض ذكوراً، ولبعض الصنفين، ويعقم بعضاً فلا يولد له. وقال إسحاق بن بشر : نزلت هذه الآية في الأنبياء، ثم عمت. فلوط أبو بنات لم يولد له ذكور، وإبراهيم ضده، ومحمد ( ﷺ ) ) وعليهما ولد له الصنفان، ويحي عقيم. انتهى. وذكر أيضاً مع لوط شعيب، ومع يحي عيسى، وقدم تعالى هبة البنات تأنيساً لهن وتشريفاً لهن، ليهتم بصونهن والإحسان إليهن. وفي الحديث :( من ابتلي بشيء من هذه البنات فأحسن إليهن كن له ستراً من النار ). وقال واثلة بن الأسقع : من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، لأن الله تعالى بدأ بالإناث. وقال الزمخشري : فإن قلت : لم قدم الإناث على الذكور مع تقدمهم عليهن، ثم رجع فقدمهم ؟ ولم عرف الذكور بعد ما نكر الإناث ؟ قلت : لأنه ذكر البلاء في آخر الآية الأولى. وكفران الإنسان : نسيانه الرحمة السابقة عنده.
ثم ذكره بذكر ملكه ومشيئته، وذكر قسمة الأولاد، فقدم الإناث، لأن سياق الكلام أنه فاعل ما يشاؤه، لا ما يشاء الإنسان، فكان ذكر الإناث اللائي من جملة ما لا يشاؤه الإنسان أهم، والأهم أوجب التقديم. والبلاء : الجنس الذي كانت العرب تعده بلاء، ذكر البلاء وآخر الذكور. فلما أخرهم لذلك تدارك تأخيره، وهم أحق بالتقديم بتعريفهم، لأن التعريف تنويه وتشهير، كأنه قال : ويهب لمن يشاء الفريقين، الأعلام المذكورين الذين لا يخفون عليكم. ثم أعطى بعد ذلك كلا الجنسين حظه من التقديم والتأخير، وعرفان تقديمهن لم يكن لتقدمهن، ولكن لمقتضى آخر فقال :) ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً (، كما قال :) إِنَّا خَلَقْنَاكُم مّن


الصفحة التالية
Icon