" صفحة رقم ١٠٢ "
وأبدل الهمزة ألفاً. كما قالوا في المرأة والكمأة : المراة والكماة، وهو تخفيف مقيس عند الكوفيين، وهو عند البصريين شاذ لا يقاس عليه. وقرأ أبو جعفر : شطه، بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على الطاء. ورويت عن شيبة، ونافع، والجحدري، وعن الجحدري أيضاً : شطوه بإسكان الطاء وواو بعدها. وقال أبو الفتح : هي لغة أو بدل من الهمزة، ولا يكون الشط إلا في البر والشعير، وهذه كلها لغات. وقال صاحب اللوامح : شطأ الزرع وأشطأ، إذا أخرج فراخه، وهو في الحنطة والشعير وغيرهما. وقرأ ابن ذكوان : فأزره ثلاثياً ؛ وباقي السبعة : فآزره، على وزن أفعله. وقرىء : فازّره، بتشديد الزاي. وقول مجاهد وغيره : آزره فاعله خطأ، لأنه لم يسمع في مضارعه إلا يؤزر، على وزن يكرم ؛ والضمير المنصوب في آزره عائد على الزرع، لأن الزرع أول ما يطلع رقيق الأصل، فإذا خرجت فراخه غلظ أصله وتقوى، وكذلك أصحاب رسول الله ( ﷺ ) ) كانوا أقلة ضعفاء، فلما كثروا وتقووا قاتلوا المشركين. وقال الحسن : آزره : قواه وشدّ أزره. وقال السدي : صار مثل الأصل في الطول. ) فَاسْتَغْلَظَ ( : صار من الرقة إلى الغلظ. ) فَاسْتَوَى ( : أي تم نباته. ) عَلَى سُوقِهِ ( : جمع ساق، كناية عن أصوله. وقرأ ابن كثير : على سؤقه بالهمز. قيل : وهي لغة ضعيفة يهمزون الواو الذي قبلها ضمة، ومنه قول الشاعر : أحب المؤقدين إليّ مؤسي ) يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ ( : جملة في موضع الحال ؛ وإذا أعجب الزراع، فهو أحرى أن يعجب غيرهم لأنه لا عيب فيه، إذ قد أعجب العارفين بعيوب الزرع، ولو كان معيباً لم يعجبهم، وهنا تم المثل. و ) لِيَغِيظَ ( : متعلق بمحذوف يدل عليه الكلام قبله تقديره : جعلهم الله بهذه الصفة ) لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ). وقال الزمخشري : فإن قلت : ليغيظ بهم الكفار تعليل لماذا ؟ قلت : لما دل عليه تشبيههم بالزرع من نمائهم وترقيهم في الزيادة والقوّة، ويجوز أن يعلل به. ) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ ( : لأن الكفار إذا سمعوا بما أعدّ لهم في الآخرة مع ما يعزهم به في الدنيا غاظهم ذلك. ومعنى :) مِنْهُمْ ( : للبيان، كقوله تعالى :) فَاجْتَنِبُواْ الرّجْسَ مِنَ الاْوْثَانِ ). وقال ابن عطية : وقوله منهم، لبيان الجنس وليست للتبعيض، لأنه وعد مدح الجميع. وقال ابن جرير : منهم يعني : من الشطء الذي أخرجه الزرع، وهم الداخلون في الإسلام بعد الزرع إلى يوم القيامة، فأعاد الضمير على معنى الشطء لا على لفظة. والأجر العظيم : الجنة. وذكر عند مالك بن أنس رجل ينتقص الصحابة، فقرأ مالك هذه الآية وقال : من أصبح بين الناس في قلبه غيظ من أصحاب رسول الله ( ﷺ ) )، فقد أصابته هذه الآية، والله الموفق.


الصفحة التالية
Icon