" صفحة رقم ١٢٧ "
ابن عطية : يحتمل أن تكون من نعتاً. انتهى، وهذا لا يجوز، لأن من لا ينعت بها، وبالغيب حال من المفعول، أي وهو غائب عنه، وإنما أدركه بالعلم الضروري، إذ كل مصنوع لا بد له من صانع. ويجوز أن تكون صفة لمصدر خشي، أي خشية خشيه ملتبسة بالغيب، حيث خشي عقابه وهو غائب، أو خشيه بسبب الغيب الذي أوعده به من عذابه. وقيل : في الخلوة حيث لا يراه أحد، فيكون حالاً من الفاعل. وقرن بالخشية الرحمن بناء على الخاشي، حيث علم أنه واسع الرحمة، وهو مع ذلك يخشاه.
ق :( ٣٤ ) ادخلوها بسلام ذلك.....
( ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ( : أي سالمين من العذاب، أو مسلماً عليكم من الله وملائكته. ) ذَلِكَ يَوْمُ الُخُلُودِ ( : كقوله :) فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ( : أي مقدرين الخلود، وهو معادل لقوله في الكفار :) ذَلِكَ يَوْمَ الْوَعِيدِ ).
ق :( ٣٥ ) لهم ما يشاؤون.....
( لَهُم مَّا يَشَاءونَ فِيهَا ( : أي ما تعلقت به مشيئاتهم من أنواع الملاذ والكرمات، كقوله تعالى :) وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ ). ) وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ( : زيادة، أو شيء مزيد على ما تشاءون، ونحوه :) فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ (، وكما جاء في الحديث :( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ما اطلعتهم عليه )، ومزيد مبهم، فقيل : مضاعفة الحسنة بعشر أمثالها. وقيل : أزواج من حور الجنة. وقيل : تجلى الله تعالى لهم حتى يرونه.
قوله عز وجل :) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُواْ فِى الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ إِنَّ فِى ذالِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ وَمِنَ الَّيْلِ فَسَبّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الاْرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكّرْ بِالْقُرْءانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ).
ق :( ٣٦ ) وكم أهلكنا قبلهم.....
أي كثيراً. ) أَهْلَكْنَا ( : أي قبل قريش. ) هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً (، لكثرة قوتهم وأموالهم. وقرأ الجمهور :) فَنَقَّبُواْ (، بفتح القاف مشددة، والظاهر أن الضمير في نقبوا عائد على كم، أي دخلوا البلاد من أنقابها. والمعنى : طافوا في البلاد. وقيل : نقروا وبحثوا، والتنقيب : التنقير والبحث. قال امرؤ القيس في معنى التطواف : وقد نقبت في الآفاق حتى
رضيت من الغنيمة بالإياب
وروي : وقد طوفت. وقال الحارث بن خالدة : نقبوا في البلاد من الموت
وجالوا في الأرض كل مجال
وفنقبوا متسبب عن شدة بطشهم، فهي التي أقدرتهم على التنقيب وقوتهم عليه. ويجوز أن يعود الضمير في فنقبوا على قريش، أي فنقبوا في أسفارهم في بلاد القرون، فهل رأوا محيصاً حتى يؤملوه لأنفسهم ؟ ويدل على عود الضمير على أهل مكة قراءة ابن عباس، وابن يعمر، وأبي العالية، ونصر بن يسار، وأبي حيوة، والأصمعي عن أبي عمرو : بكسر القاف مشدّدة على الأمر لأهل مكة، أي فسيحوا في البلاد وابحثوا. وقرىء : بكسر القاف خفيفة، أي نقبت أقدامهم وأخفاف إبلهم، أو حفيت لكثرة تطوافهم في البلاد، من نقب خف البعير إذا انتقب ودمى. ويحتمل أن يكون ) هَلْ مِن مَّحِيصٍ ( على إضمار القول، أي يقولون هل من محيص من الهلاك ؟ واحتمل أن لا يكون ثم قول، أي لا محيص


الصفحة التالية
Icon