" صفحة رقم ١٣٨ "
للإنكار، وكأنه ثم محذوف تقديره : فامتنعوا من الأكل، فأنكر عليهم ترك الأكل فقال :) أَلا تَأْكُلُونَ ). وفي الحديث :( إنهم قالوا إنا لا نأكل إلا ما أدينا ثمنه، فقال لهم : وإني لا أبيحه لكم إلا بثمن، قالوا : وما هو ؟ قال : أن تسموا الله عز وجل عند الابتداء وتحمدوه عند الفراغ من الأكل، فقال بعضهم لبعض : بحق اتخذه الله خليلاً ).
الذاريات :( ٢٨ ) فأوجس منهم خيفة.....
( فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ( : أي فلما استمروا على الامتناع من الأكل، أوجس منهم خيفة، وذلك أن أكل الضيف أمنة ودليل على انبساط نفسه، وللطعام حرمة وذمام، والامتناع منه وحشة. فخشي إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن امتناعهم من أكل طعامهم إنما هو لشر يريدونه، فقالوا لا تخف، وعرفوه أنهم ملائكة. وعن ابن عباس : وقع في نفسه أنهم ملائكة أرسلوا للعذاب. وعلمهم بما أضمر في نفسه من الخوف، إنما يكون باطلاع الله ملائكته على ما في نفسه، أو بظهور أمارته في الوجه، فاستدلوا بذلك على الباطن. وعن يحيى بن شداد : مسح جبريل عليه السلام بجناحه العجل، فقام يدرج حتى لحق بأمه. ) بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ( : أي سيكون عليماً، وفيه تبشير بحياته حتى يكون من العلماء. وعن الحسن : عليم نبي ؛ والجمهور : على أن المبشر به هو إسحاق بن سارة. وقال مجاهد : هو إسماعيل. وقيل : علم أنهم ملائكة من حيث بشروه بغيب، ووقعت البشارة بعد التأنيس والجلوس، وكانت البشارة بذكر، لأنه أسر للنفس وأبهج، ووصفه بعليم لأنها الصفة التي يختص بها الإنسان الكامل إلا بالصورة الجميلة والقوة.
الذاريات :( ٢٩ ) فأقبلت امرأته في.....
( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِى صَرَّةٍ ( : أي إلى بيتها، وكانت في زاوية تنظر إليهم وتسمع كلامهم. وقيل :) فَأَقْبَلَتِ (، أي شرعت في الصياح. قيل : وجدت حرارة الدم، فلطمت وجهها من الحياء. والصرة، قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وسفيان : الصيحة. قال الشاعر : فألحقنا بالهاديات ودونه
حواجرها في صرة لم تزيل
وقال قتادة وعكرمة : الرنة. قيل : قالت أوّه بصياح وتعجب. وقال ابن بحر : الجماعة، أي من النسوة تبادروا نظراً إلى الملائكة. وقال الجوهري : الصرة : الصيحة والجماعة والشدة. ) فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ( : أي لطمته، قاله ابن عباس، وكذلك كما يفعله من يرد عليه أمر يستهو له ويتعجب منه، وهو فعل النساء إذا تعجبن من شيء. وقال السدي وسفيان : ضربت بكفها جبهتها، وهذا مستعمل في الناس حتى الآن. ) وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ( : أي إنا قد اجتمع فيها أنها عجوز، وذلك مانع من الولادة، وأنها عقيم، وهي التي لم تلد قط، فكيف ألد ؟ تعجبت من ذلك.
الذاريات :( ٣٠ ) قالوا كذلك قال.....
( قَالُواْ كَذَلِكِ ( : أي مثل القول الذي أخبرناك به، ( قَالَ رَبُّكِ ( : وهو القادر على إيجاد ما يستبعد. وروي أن جبريل عليه السلام قال لها : انظري إلى سقف بيتك، فنظرت، فإذا جذوعه مورقة مثمرة. ) إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ ( : أي ذو الحكمة. ) الْعَلِيمُ ( بالمصالح.
ولما علم إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنهم ملائكة، وأنهم لا ينزلون إلا بإذن الله تعالى رسلاً،
الذاريات :( ٣١ - ٣٢ ) قال فما خطبكم.....
قال ) فَمَا خَطْبُكُمْ ( إلى :) قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ( : أي ذوي جرائم، وهي كبار المعاصي من كفر وغيره.
الذاريات :( ٣٣ ) لنرسل عليهم حجارة.....
( لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ ( : أي لنهلكهم بها، ( حِجَارَةً مّن طِينٍ ( : وهو السجيل، طين يطبخ كما يطبخ الآجر حتى يصير في صلابة كالحجارة.
الذاريات :( ٣٤ ) مسومة عند ربك.....
( مُّسَوَّمَةً ( : معلمة، على كل واحد منها اسم صاحبه. وقيل : معلمة أنها من حجارة العذاب. وقيل : معلمة أنها ليست من حجارة الدنيا، ( لِلْمُسْرِفِينَ ( : وهم المجاوزون الحد في الكفر.
الذاريات :( ٣٥ - ٣٧ ) فأخرجنا من كان.....
( فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا ( : في القرية التي حل العذاب بأهلها. ) غَيْرَ بَيْتٍ ( : هو بيت لوط عليه السلام، وهو لوط وابنتاه فقط، وقيل : ثلاثة عشر نفساً. وقال الرماني : الآية تدل على أن الإيمان هو الإسلام، وكذا قال الزمخشري، وهما معتزليان.
( وَتَرَكْنَا فِيهَا ( : أي في القرية، ( ءايَةً ( : علامة. قال ابن جريج : حجراً كبيراً جدًّا منضوداً. وقيل : ماء أسود منتن. ويجوز أن يكون فيها عائداً على الإهلاكة التي أهلكوها، فإنها من أعاجيب الإهلاك،


الصفحة التالية
Icon