" صفحة رقم ١٤٨ "
ُ ( سقط : رحمة ) رَبّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ الْمَكِيدُونَ أَمْ لَهُمْ إِلَاهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مّنَ السَّمَاء سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُواْ يَوْمَهُمُ الَّذِى فِيهِ يُصْعَقُونَ يَوْمَ لاَ يُغْنِى عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ الَّيْلِ فَسَبّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ).
الطور :( ٢٩ ) فذكر فما أنت.....
لما تقدم إقسام الله تعالى على وقوع العذاب، وذكر أشياء من أحوال المعذبين والناجين، أمره بالتذكير، إنذاراً للكافر، وتبشيراً للمؤمن، ودعاء إلى الله تعالى بنشر رسالته، ثم نفى عنه ما كان الكفار ينسبونه إليه من الكهانة والجنون، إذا كانا طريقين إلى الإخبار ببعض المغيبات، وكان للجن بهما ملابسة للإنس. وممن كان ينسبه إلى الكهانة شيبة بن ربيعة، وممن كان ينسبه إلى الجنون عقبة بن أبي معيط. وقال الزمخشري :) فَذَكّرْ ( فاثبت على تذكير الناس وموعظتهم، ولا يثبطنك قولهم كاهن أو مجنون، ولا تبال به، فإنه قول باطل متناقض. فإن الكاهن يحتاج في كهانته إلى فطنة ودقة نظر، والمجنون مغطى على عقله ؛ وما أنت، بحمد الله تعالى وإنعامه عليك بصدق النبوة ورصافة العقل، أحد هذين. انتهى. وقال الحوفي :) بِنِعْمَةِ رَبّكَ ( متعلق بما دل عليه الكلام، وهو اعتراض بين اسم ما وخبرها، والتقدير : ما أنت في حال إذكارك بنعمة ربك بكاهن. قال أبو البقاء : الباء في موضع الحال، والعامل في بكاهن أو مجنون، والتقدير : ما أنت كاهناً ولا مجنوناً ملتبساً بنعمة ربك. انتهى. وتكون حالاً لازمة لا منتقلة، لأنه عليه الصلاة والسلام ما زال ملتبساً بنعمة ربه. وقيل :) بِنِعْمَةِ رَبّكَ ( مقسم بها، كأنه قيل : ونعمة ربك ما أنت كاهن ولا مجنون، فتوسط المقسم به بين الاسم والخبر، كما تقول : ما زيد والله بقائم.
الطور :( ٣٠ ) أم يقولون شاعر.....
ولما نفى عنه الكهانة والجنون اللذين كان بعض الكفار ينسبونهما إليه، ذكر نوعاً آخر مما كانوا يقولونه.
روي أن قريشاً اجتمعت في دار الندوة، وكثرت آراؤهم فيه ( ﷺ ) )، حتى قال قائل منهم، وهم بنو عبد الدار، قاله الضحاك : تربصوا به ريب المنون، فإنه شاعر سيهلك، كما هلك زهير والنابغة والأعشى، فافترقوا على هذه المقالة، فنزلت الآية في ذلك. وقول من قال ذلك هو من نقص الفطرة بحيث لا يدرك الشعر، وهو الكلام الموزون على طريقة معروفة من النثر الذي ليس هو على ذلك المضمار، ولا شك أن بعضهم كان يدرك ذلك، إذ كان فيهم شعراء، ولكنهم تمالؤوا مع أولئك الناقصي الفطرة على قولهم : هو شاعر، حجداً الآيات الله بعد استيقانها. وقرأ زيد بن علي : يتربص بالياء مبنياً للمفعول به، ( رَيْبَ ( : مرفوع، وريب المنون : حوادث الدهر، فإنه لا يدوم على حال، قال الشاعر : تربص بها ريب المنون لعلها
تطلق يوماً أو يموت حليلها
وقال الهندي : أمن المنون وريبها تتوجع
والدهر ليس بمعتب من يجزع
الطور :( ٣١ ) قل تربصوا فإني.....
( قُلْ تَرَبَّصُواْ ( : هو أمر تهديد من المتربصين هلاككم، كما تتربصون هلاكي.
الطور :( ٣٢ ) أم تأمرهم أحلامهم.....
( أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ ( : عقولهم بهذا، أي بقولهم كاهن وشاعر ومجنون، وهو قول متناقض، وكانت قريش تدعى أهل الأحلام والنهي. وقيل لعمرو بن العاص : ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله تعالى بالعقل ؟ فقال : تلك عقول كادها الله، أي لم يصحبها التوفيق. ) أَمْ تَأْمُرُهُمْ (، قيل : أم بمعنى الهمزة، أي أتأمرهم ؟ وقدرها مجاهد ببل، والصحيح أنها تتقدر ببل والهمزة.
( أَم