" صفحة رقم ١٦٣ "
حلفه : وحق البيت الذي زرت، يعلم أنه حاج، وإذا لاح له فلس يثب عليه وثوب الأسد على الفريسة، ولا يلحقه شيء من الواسوس، ولا من إحضار النية في أخذه، وتراه يحب الثناء عليه بالأوصاف الجميلة التي هو عارضها. وقيل : المعنى لا يزكي بعضكم بعضاً تزكية السمعة أو المدح للدنيا، أو تزكية بالقطع. وأما التزكية لإثبات الحقوق فجائزة للضرورة.
والجنين : ما كان في البطن، فإذا خرج سمي ولداً أو سقطاً. وقوله :) فِى بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ( تنبيه على كمال العلم والقدرة، فإن بطن الأم في غاية الظلمة، ومن علم حاله وهو مجنّ، لا يخفى عليه حاله وهو ظاهر. ) بِمَنِ اتَّقَى ( : قيل الشرك. وقال علي : عمل حسنة وارعوى عن معصية.
قوله عز وجل :) أَفَرَأَيْتَ الَّذِى تَوَلَّى وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى أَمْ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِى صُحُفِ مُوسَى وَإِبْراهِيمَ الَّذِى وَفِي الاْخِرَةِ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الاوْفَى وَأَنَّ إِلَى رَبّكَ الْمُنتَهَى وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالاْنثَى مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الاْخْرَى وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشّعْرَى وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الاْولَى وَثَمُودَاْ فَمَا أَبْقَى وَقَوْمَ نُوحٍ مّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى فَبِأَىّ الاء رَبّكَ تَتَمَارَى هَاذَا نَذِيرٌ مّنَ النُّذُرِ الاْوْلَى أَزِفَتِ الاْزِفَةُ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ أَفَمِنْ هَاذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ فَاسْجُدُواْ لِلَّهِ وَاعْبُدُواْ ).
النجم :( ٣٣ ) أفرأيت الذي تولى
) أَفَرَأَيْتَ ( الآية، قال مجاهد وابن زيد ومقاتل : نزلت في الوليد بن المغيرة، كان قد سمع قراءة رسول الله ( ﷺ ) )، وجلس إليه ووعظه، فقرب من الإسلام، وطمع فيه رسول الله ( ﷺ ) ). ثم إنه عاتبة رجل من المشركين، فقال له : أتترك ملة آبائك ؟ ارجع إلى دينك واثبت عليه، وأنا أتحمل لك بكل شيء تخافه في الآخرة، لكن على أن تعطيني كذا وكذا من المال. فوافقه الوليد على ذلك، ورجع عن ما هم به من الإسلام، وضل ضلالاً بعيداً، وأعطى بعض ذلك المال لذلك الرجل، ثم أمسك عنه وشح. وقال الضحاك : هو النضر بن الحرث، أعطى خمس فلايس لفقير من المهاجرين حتى ارتد عن دينه، وضمن له أن يحمل عنه مآثم رجوعه. وقال السدي : نزلت في العاصي بن وائل السهمي، كان ربما يوافق النبي ( ﷺ ) ) في بعض الأمور. وقال محمد بن كعب : في أبي جهل بن هشام، قال : والله ما يأمر محمد إلا بمكارم الأخلاق. وروي عن ابن عباس والسدي أنها نزلت في عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه ؛ كان يتصدق، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن أبي سرح نحواً من كلام القائل للوليد بن المغيرة الذي بدأنا به. وذكر القصة بتمامها الزمخشري، ولم يذكر في سبب النزول غيرها. قال ابن عطية : وذلك كله عندي باطل، وعثمان رضي الله عنه منزه عن مثله. انتهى.
وأفرأيت هنا بمعنى : أخبرني، ومفعولها الأول الموصول، والثاني الجملة الاستفهامية، وهي :) عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ ). و ) تَوَلَّى ( : أي أعرض عن الإسلام. وقال الزمخشري :) تَوَلَّى ( : ترك المركز يوم أحد. انتهى. لما جعل الآية نزلت في عثمان، فسر التولي بهذا. وإذا ذكر التولي غير مقيد في القرآن، فأكثر استعماله أنه استعارة عن عدم الدخول في الإيمان.
النجم :( ٣٤ ) وأعطى قليلا وأكدى
) وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى (، قال ابن عباس : أطاع قليلاً ثم عصى. وقال مجاهد : أعطى قليلاً من نفسه