" صفحة رقم ١٩٣ "
الآية من خطاب الله إياهم يوم القيامة، ( أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ ). وقيل : يقال لهم ذلك. قال الضحاك : يفرون في أقطار الأرض لما يرون من الهول، فيجدون الملائكة قد أحاطت بالأرض، فيرجعون من حيث جاءوا، فحينئذ يقال لهم ذلك. وقيل : هو خطاب في الدنيا، والمعنى : إن استطعتم الفرار من الموت. وقال ابن عباس :) إِنِ اسْتَطَعْتُمْ ( بأذهانكم وفكركم، ( أَن تَنفُذُواْ (، فتعلمون علم ) أَقْطَارِ ( : أي جهات ) السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ). قال الزمخشري :) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ (، كالترجمة لقوله :) أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ (، ( إِنِ اسْتَطَعْتُمْ ( أن تهربوا من قضائي، وتخرجوا من ملكوتي ومن سمائي وأرضي فافعلوا ؛ ثم قال : لا تقدرون على النفوذ ) إِلاَّ بِسُلْطَانٍ (، يعني : بقوة وقهر وغلبة، وأنى لكم ذلك، ونحوه :) وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِى الاْرْضِ وَلاَ فِى السَّمَاء ). انتهى. ) فَانفُذُواْ ( : أمر تعجيز. وقال قتادة : السلطان هنا الملك، وليس لهم ملك. وقال الضحاك أيضاً : بينما الناس في أسواقهم، انفتحت السماء ونزلت الملائكة، فتهرب الجن والإنس، فتحدق بهم الملائكة. وقرأ زيد بن علي : إن استطعتما، على خطاب تثنية الثقلين ومراعاة الجن والإنس ؛ والجمهور : على خطاب الجماعة إن استطعتم، لأن كلاً منهما تحته أفراد كثيرة، كقوله :) وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ ).
الرحمن :( ٣٥ ) يرسل عليكما شواظ.....
( يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ شُوَاظٌ (، قال ابن عباس : إذا خرجوا من قبورهم، ساقهم شواظ إلى المحشر. والشواظ : لهب النار. وقال مجاهد : اللهب الأحمر المنقطع. وقال الضحاك : الدخان الذي يخرج من اللهب. وقرأ الجمهور : شواظ، بضم الشين ؛ وعيسى وابن كثير وشبل : بكسرها. والجمهور ؛ ) وَنُحَاسٌ ( : بالرفع ؛ وابن أبي إسحاق والنخعي وابن كثير وأبو عمرو : بالجر ؛ والكلبي وطلحة ومجاهد : بكسر نون نحاس والسين. وقرأ ابن جبير : ونحس، كما تقول : يوم نحس. وقرأ عبد الرحمن بن أبي بكرة وابن أبي إسحاق أيضاً : ونحس مضارعاً، وماضيه حسه، أي قتله، أي ويحس بالعذاب. وعن ابن أبي إسحاق أيضاً : ونحس بالحركات الثلاث في الحاء على التخيير ؛ وحنظلة بن نعمان : ونحس بفتح النون وكسر السين ؛ والحسن وإسماعيل : ونحس بضمتين والكسر. وقرأ زيد بن علي : نرسل بالنون، عليكما شواظاً بالنصب، من نار ونحاساً بالنصب عطفاً على شواظاً. قال ابن عباس وابن جبير والنحاس : الدخان ؛ وعن ابن عباس أيضاً ومجاهد : هو الصفر المعروف، والمعنى : يعجز الجن والإنس، أي أنتما بحال من يرسل عليه هذا، فلا يقدر على الامتناع مما يرسل عليه.
الرحمن :( ٣٧ ) فإذا انشقت السماء.....
( فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء ( : جواب إذا محذوف، أي فما أعظم الهول، وانشقاقها : انفطارها يوم القيامة. ) فَكَانَتْ وَرْدَةً ( : أي محمرة كالورد. قال ابن عباس وأبو صالح : هي من لون الفرس الورد، فأنث لكون السماء مؤنثة. وقال قتادة : هي اليوم زرقاء، ويومئذ تغلب عليها الحمرة كلون الورد، وهي النوار المعروف، قاله الزجاج، ويريد كلون الورد، وقال الشاعر : فلو كانت ورداً لونه لعشقتني
ولكن ربي شانني بسواديا
وقال أبو الجوزاء : وردة صفراء. وقال : أما سمعت العرب تسمي الخيل الورد ؟ قال الفراء : أراد لون الفرس الورد، يكون في الربيع إلى الصفرة، وفي الشتاء إلى الحمرة، وفي اشتداد البرد إلى الغبرة، فشبه تلون السماء بتلون الوردة


الصفحة التالية
Icon