" صفحة رقم ٢٠٥ "
تقول : الناس الناس، وأنت أنت، وهذا على تفخيم الأمر وتعظيمه. انتهى. ويرجح هذا القول أنه ذكر أصحاب الميمنة متعجباً منهم في سعادتهم، وأصحاب المشأمة متعجباً منهم في شقاوتهم، فناسب أن يذكر السابقون مثبتاً حالهم معظماً، وذلك بالإخبار أنهم نهاية في العظمة والسعادة، والسابقون عموم في السبق إلى أعمال الطاعات، وإلى ترك المعاصي. وقال عثمان بن أبي سودة : السابقون إلى المساجد. وقال ابن سيرين : هم الذين صلوا إلى القبلتين. وقال كعب : هم أهل القرآن. وفي الحديث :( سئل عن السابقين فقال هم الذين إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوه بذلوه، وحكموا للناس بحكمهم لأنفسهم ).
الواقعة :( ١١ ) أولئك المقربون
) أُوْلَائِكَ ( : إشارة إلى السابقين المقربين الذين علت منازلهم وقربت درجاتهم في الجنة من العرش.
الواقعة :( ١٢ ) في جنات النعيم
وقرأ الجمهور :) فِي جَنَّاتِ (، جمعاً ؛ وطلحة : في جنات مفرداً.
الواقعة :( ١٣ - ١٤ ) ثلة من الأولين
وقسم السابقين المقربين إلى ) ثُلَّةٌ مّنَ الاْوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مّنَ الاْخِرِينَ ). وقال الحسن : السابقون من الأمم، والسابقون من هذه الأمة. وقالت عائشة : الفرقتان في كل أمة نبي، في صدرها ثلة، وفي آخرها قليل. وقيل : هما الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كانوا في صدر الدنيا، وفي آخرها أقل. وفي الحديث :( الفرقتان في أمتي، فسابق في أول الأمة ثلة، وسابق سائرها إلى يوم القيامة قليل )، وارتفع ثلة على إضمارهم.
الواقعة :( ١٥ ) على سرر موضونة
وقرأ الجمهور :) عَلَى سُرُرٍ ( بضم الراء ؛ وزيد ابن علي وأبو السمال : بفتحها، وهي لغة لبعض بني تميم وكلب، يفتحون عين فعل جمع فعيل المضعف، نحو سرير، وتقدم ذلك في والصافات. ) مَّوْضُونَةٍ (، قال ابن عباس : مرمولة بالذهب. وقال عكرمة : مشبكة بالدر والياقوت.
الواقعة :( ١٦ ) متكئين عليها متقابلين
) مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا ( : أي على السرر، ومتكئين : حال من الضمير المستكن في ) عَلَى سُرُرٍ (، ( مُّتَقَابِلِينَ ( : ينظر بعضهم إلى بعض، وصفوا بحسن العشرة وتهذيب الأخلاق وصفاء بطائنهم من غل إخواناً.
الواقعة :( ١٧ ) يطوف عليهم ولدان.....
( يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُّخَلَّدُونَ ( : وصفوا بالخلد، وإن كان من في الجنة مخلداً، ليدل على أنهم يبقون دائماً في سن الولدان، لا يكبرون ولا يتحولون عن شكل الوصافة. وقال مجاهد : لا يموتون. وقال الفراء : مقرطون بالخلدات، وهي ضروب من الأقراط.
الواقعة :( ١٨ ) بأكواب وأباريق وكأس.....
( وَكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ (، قال : من خمر سائلة جارية معينة.
الواقعة :( ١٩ ) لا يصدعون عنها.....
( لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا (، قال الأكثرون : لا يلحق رؤوسهم الصداع الذي يلحق من خمر الدنيا. وقرأت على أستاذنا العلامة أبي جعفر بن الزبير، رحمه الله تعالى، قول علقمة في صفة الخمر : تشفي الصداع ولا يؤذيك صالبها
ولا يخالطها في الرأس تدويم
فقال : هذه صفة أهل الجنة. وقيل : لا يفرقون عنها بمعنى : لا تقطع عنهم لذتهم بسبب من الأسباب، كما تفرق أهل خمر الدنيا بأنواع من التفريق، كما جاء : فتصدع السحاب عن المدينة : أي فتفرق. وقرأ مجاهد : لا يصدعون، بفتح الياء وشد الصاد، أصله يتصدعون، أدغم التاء في الصاد : أي لا يتفرقون، كقوله :) يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ). والجمهور ؛ بضم الياء وخفة الصاد ؛ والجمهور : بجر ) وَفَاكِهَةٍ ( ؛ ولحم وزيد بن علي : برفعهما، أي ولهم ؛ والجمهور :) وَلاَ يُنزِفُونَ ( مبنياً للمفعول. قال مجاهد وقتادة وجبير والضحاك : لا تذهب عقولهم سكراً ؛ وابن أبي إسحاق : بفتح الياء وكسر الزاي، نزف البئر : استفرغ ماءها، فالمعنى : لا تفرغ خمرهم. وابن أبي إسحاق أيضاً وعبد الله والسلمي والجحدري والأعمش وطلحة وعيسى : بضم


الصفحة التالية
Icon