" صفحة رقم ٢٠٩ "
وأتبعهم بأصحاب الميمنة، ذكر حال أصحاب المشئمة فقال :) وَأَصْحَابُ الشّمَالِ (، وتقدّم إعراب نظير هذه الجملة، وفي هذا الاستفهام تعظيم مصابهم.
الواقعة :( ٤٢ ) في سموم وحميم
) فِى سَمُومٍ ( : في أشدّ حر، ( وَحَمِيمٍ ( : ماء شديد السخونة.
الواقعة :( ٤٣ ) وظل من يحموم
) وَظِلّ مّن يَحْمُومٍ (، قال ابن عباس ومجاهد وأبو مالك وابن زيد والجمهور : دخان. وقال ابن عباس أيضاً : هو سرادق النار المحيط بأهلها، يرتفع من كل ناحية حتى يظلهم. وقال ابن كيسان : اليحموم من أسماء جهنم. وقال ابن زيد أيضاً وابن بريدة : هو جبل في النار أسود، يفزع أهل النار إلى ذراه، فيجدونه أشد شيء وأمر.
الواقعة :( ٤٤ ) لا بارد ولا.....
( لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ ( : صفتان للظل نفيتا، سمي ظلاً وإن كان ليس كالظلال، ونفي عنه برد الظل ونفعه لمن يأوي إليه. ) وَلاَ كَرِيمٍ ( : تتميم لنفي صفة المدح فيه، وتمحيق لما يتوهم في الظل من الاسترواح إليه عند شدّة الحر، أو نفي لكرامة من يستروح إليه. ونسب إليه مجازاً، والمراد هم، أي يستظلون إليه وهم مهانون. وقد يحتمل المجلس الرديء لنيل الكرامة، وبدىء أولاً بالوصف الأصلي الذي هو الظل، وهو كونه من يحموم، فهو بعض اليحموم. ثم نفى عنه الوصف الذي يبغي له الظل، وهو كونه لا بارداً ولا كريماً. وقد يجوز أن يكون ) لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ ( صفة ليحموم، ويلزم منه أن يكون الظل موصوفاً بذلك. وقرأ الجمهور :) لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ ( بجرهما ؛ وابن عبلة : برفعهما : أي لا هو بارد ولا كريم، على حد قوله :
فأبيت لا حرج ولا محروم
أي لا أنا حرج.
الواقعة :( ٤٥ ) إنهم كانوا قبل.....
( إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ ( : أي في الدنيا، ( مُتْرَفِينَ ( : فيه ذم الترف والتنعم في الدنيا، والترف طريق إلى البطالة وترك التفكر في العاقبة.
الواقعة :( ٤٦ ) وكانوا يصرون على.....
( وَكَانُواْ يُصِرُّونَ ( : أي يداومون ويواظبون، ( عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ (، قال قتادة والضحاك وابن زيد : الشرك، وهو الظاهر. وقيل : ما تضمنه قوله :) وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ( الآية من التكذيب بالبعث. ويبعده :) وَكَانُواْ يِقُولُونَ (، فإنه معطوف على ما قبله، والعطف يقتضي التغاير، فالحنث العظيم : الشرك.
الواقعة :( ٤٧ ) وكانوا يقولون أئذا.....
فقولهم :) أَءذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَ ءابَاؤُنَا الاْوَّلُونَ ( : تقدم الكلام عليه في والصافات، وكرر الزمخشري هنا وهمه فقال : فإن قلت : كيف حسن العطف على المضمر في ) لَمَبْعُوثُونَ ( من غير تأكيد بنحن ؟ قلت : حسن للفاصل الذي هو الهمزة، كما حسن في قوله :) مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ ىَابَاؤُنَا (، الفصل لا المؤكدة للنفي. انتهى. ورددنا عليه هنا وهناك إلى مذهب الجماعة في أنهم لا يقدرون بين همزة الاستفهام وحرف العطف فعلاً في نحو :) أَفَلَمْ يَسِيرُواْ (، ولا اسماً في نحو :
الواقعة :( ٤٨ ) أو آباؤنا الأولون
) أَوَ ءابَاؤُنَا (، بل الواو والفاء لعطف ما بعدهما على ما قبلهما، والهمزة في التقدير متأخرة عن حرف العطف. لكنه لما كان الاستفهام له صدر الكلام قدمت.
الواقعة :( ٤٩ ) قل إن الأولين.....
ولما ذكر تعالى استفهامهم عن البعث على طريق الاستبعاد والإنكار، أمر نبيه ( ﷺ ) ) أن يخبرهم ببعث العالم، أولهم وآخرهم، للحساب، وبما يصل إليه المكذبون للبعث من العذاب.
الواقعة :( ٥٠ ) لمجموعون إلى ميقات.....
والميقات : ما وقت به الشيء، أي حد، أي إلى ما وقتت به الدنيا من يوم معلوم، والإضافة بمعنى من، كخاتم حديد.
الواقعة :( ٥١ ) ثم إنكم أيها.....
( ثُمَّ إِنَّكُمْ ( : خطاب لكفار قريش، ( أَيُّهَا الضَّالُّونَ ( عن الهدى، ( الْمُكَذّبُونَ ( للبعث. وخطاب أيضاً لمن جرى مجراهم في ذلك.
الواقعة :( ٥٢ ) لآكلون من شجر.....
( لاَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مّن زَقُّومٍ ( : من الأولى لابتداء الغاية أو للتبعيض ؛ والثانية، إن كان من زقوم بدلاً، فمن تحتمل الوجهين، وإن لم تكن بدلاً، فهي لبيان الجنس، أي من شجر الذي هو زقوم. وقرأ الجمهور : من شجر ؛ وعبد الله : من شجرة.
الواقعة :( ٥٣ ) فمالئون منها البطون
) فَمَالِئُونَ مِنْهَا ( : الضمير في منها عائد على شجر، إذ هو اسم جنس يؤنث ويذكر، وعلى قراءة عبد الله، فهو واضح.
الواقعة :( ٥٤ ) فشاربون عليه من.....
( فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ (، قال الزمخشري : ذكر على لفظ الشجر، كما أنث على المعنى في منها. قال : ومن قرأ : من شجرة من زقوم، فقد جعل الضميرين للشجرة، وإنما ذكر الثانى على تأويل الزقوم لأنه يفسرها، وهي في معناه. وقال ابن عطية : والضمير في عليه عائد على المأكول، أو على الأكل. انتهى. فلم يجعله عائداً على شجر.
الواقعة :( ٥٥ ) فشاربون شرب الهيم
وقرأ نافع وعاصم وحمزة :) شُرْبَ ( بضم الشين، وهو مصدر. وقيل : اسم لما يشرب ؛ ومجاهد وأبو عثمان النهدي : بكسرها، وهو بمعنى المشروب، اسم لا مصدر، كالطحن والرعي ؛ والأعرج وابن المسيب وسبيب بن الحبحاب ومالك بن دينار وابن جريج وباقي السبعة : بفتحها، وهو مصدر مقيس. والهيم، قال ابن عباس ومجاهد