" صفحة رقم ٢١٦ "
( سورة الحديد )
) ٢
) سَبَّحَ للَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاواتِ وَالاْرْضِ يُحْىِ وَيُمِيتُ وَهُوَ هُوَ الاْوَّلُ وَالاْخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ هُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِى الاْرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء ).
قال النقاش وغيره : هذه السورة مدنية بإجماع من المفسرين. وقال غيره، كالزمخشري : هي مكية. وقال ابن عطية : لا خلاف، إن فيها قرآناً مدنياً، لكن يشبه صدرها أن يكون مكياً.
ومناسبة أول هذه السورة لآخر ما قبلها واضحة، لأنه تعالى أمر بالتسبيح، ثم أخبر أن التسبيح المأمور به قد فعله والتزمه كل من في السموات والأرض، وأتى سبح بلفظ الماضي، ويسبح بلفظ المضارع، وكله يدل على الديمومة والاستمرار، وإن ذلك ديدن من في السموات والأرض.
الحديد :( ١ ) سبح لله ما.....
والتسبيح هنا عند الأكثرين بمعنى التنزيه المعروف في قولهم : سبحان الله، فقيل : هو حقيقة في الجميع، وقيل : فيمن يمكن التسبيح منهم، وقيل : مجاز، بمعنى : أن أثر الصنعة فيها ينبه الرائي على التسبيح. وقيل : التسبيح هنا الصلاة، ففي الجماد بعيد، وفي الكافر سجود ظله صلاته، وفي المؤمن ذلك سائغ، واللام في ) لِلَّهِ (، إما أن تكون بمنزلة اللام في : نصحت لزيد، يقال : سبح الله، كما يقال ؛ نصحت زيداً، فجيء باللام لتقوية وصول الفعل إلى المفعول ؛ وإما أن تكون لام التعليل، أي أحدث التسبيح لأجل الله، أي لوجهه خالصاً.
الحديد :( ٢ ) له ملك السماوات.....
( يحيي ويميت ( : جملة مستقلة لا موضع لها من الإعراب لقوله :) لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ). لما أخبر بأنه له الملك، أخبر عن ذاته بهذين الوصفين العظيمين اللذين بهما تمام التصرف في الملك، وهو إيجاد ما شاء وإعدام ما شاء، ولذلك أعقب بالقدرة التي بها الإحياء والإماتة. وجوز أن يكون خبر مبتدأ، أي هو يحيي ويميت. وأن يكون حالاً، وذو الحال الضمير في له، والعامل فيها العامل في الجار والمجرور.
الحديد :( ٣ ) هو الأول والآخر.....
( هُوَ الاْوَّلُ ( : الذي ليس لوجوده بداية مفتتحة، ( وَالاْخِرُ ( : أي الدائم الذي ليس له نهاية منقضية. وقيل : الأول الذي كان قبل كل شيء، والآخر الذي يبقى بعد هلاك كل شيء. ) وَالظَّاهِرُ ( بالأدلة ونظر العقول في صفته، ( وَالْبَاطِنُ ( لكونه غير مدرك بالحواس. وقال أبو بكر الورّاق : الأول بالأزلية، والآخر بالأبدية. وقيل :) الظاهر ( العالي على كل شيء، الغالب له من ظهر عليه إذا علاه وغلبه ؛ ) وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ( : الذي بطن كل شيء، أي علم باطنه. وقال الزمخشري ؛ فإن قلت : فما معنى الواو ؟ قلت : الواو الأولى معناها الدلالة على أنه الجامع بين الصفتين