" صفحة رقم ٢٣٥ "
بعدها، وتقدمت القراءتان في نحو :) لِيَحْزُنَ ). وقرىء : بفتح الياء والزاي، فيكون ) الَّذِينَ ( فاعلاً، وفي القراءتين مفعولاً.
المجادلة :( ١١ ) يا أيها الذين.....
ولما نهى تعالى المؤمنين عن ما هو سبب للتباغض والتنافر، أمرهم بما هو سبب للتواد والتقارب، فقال :) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ ( الآية. قال مجاهد وقتادة والضحاك : كانوا يتنافسون في مجلس الرسول ( ﷺ ) )، فأمروا أن يفسح بعضهم لبعض. وقال ابن عباس : المراد مجالس القتال إذا اصطفوا للحرب. وقال الحسن ويزيد بن أبي حبيب : كان الصحابة يتشاحون على الصف الأول، فلا يوسع بعضهم لبعض رغبة في الشهادة، فنزلت. وقرأ الجمهور :) تَفَسَّحُواْ ( ؛ وداود بن أبي هند وقتادة وعيسى : تفاسحوا. والجمهور : في المجلس ؛ وعاصم وقتادة وعيسى :) فِى الْمَجَالِسِ ). وقرىء : في المجلس بفتح اللام، وهو الجلوس، أي توسعوا في جلوسكم ولا تتضايقوا فيه. والظاهر أن الحكم مطرد في المجالس التي للطاعات، وإن كان السبب مجلس الرسول. وقيل : الآية مخصوصة بمجلس الرسول عليه الصلاة والسلام، وكذا مجالس العلم ؛ ويؤيده قراءة من قرأ ) فِى الْمَجَالِسِ (، ويتأول الجمع على أن لكل أحد مجلساً في بيت الرسول ( ﷺ ) ). وانجزم ) يَفْسَحِ اللَّهُ ( على جواب الأمر في رحمته، أو في منازلكم في الجنة، أو في قبوركم، أو في قلوبكم، أو في الدنيا والآخرة، أقوال.
( وَإِذَا قِيلَ انشُزُواْ ( : أي انهضوا في المجلس للتفسح، لأن مريد التوسعة على الوارد يرتفع إلى فوق فيتسع الموضع. أمروا أولاً بالتفسح، ثم ثانياً بامتثال الأمر فيه إذا ائتمروا. وقال الحسن وقتادة والضحاك : معناه : إذا دعوا إلى قتال وصلاة أو طاعة نهضوا. وقيل : إذا دعوا إلى القيام عن مجلس الرسول ( ﷺ ) ) نهضوا، إذ كان عليه الصلاة والسلام أحياناً يؤثر الانفراد في أمر الإسلام. وقرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج وابن عامر ونافع وحفص : بضم السين في اللفظين ؛ والحسن والأعمش وطلحة وباقي السبعة : بكسرها. والظاهر أن قوله :) وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ ( معطوف على ) الَّذِينَ كَفَرُواْ (، والعطف مشعر بالتغاير، وهو من عطف الصفات، والمعنى : يرفع الله المؤمنين العلماء درجات، فالوصفان لذات واحدة. وقال ابن مسعود وغيره : تم الكلام عند قوله :) مّنكُمْ (، وانتصب ) وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ ( بفعل مضمر تقديره : ويخص الذين أوتوا العلم درجات، فللمؤمنين رفع، وللعلماء درجات.
المجادلة :( ١٢ ) يا أيها الذين.....
( بين يدي نجواكم ( استعارة، والمعنى قبل نجواكم، وعن ابن عباس وقتادة أن قوما من المؤمنين وأغفالهم كثرت مناجاتهم للرسول، عليه الصلاة والسلام في غير حاجة إلا لتظهر منزلتهم، وكان ( ﷺ ) سمحا لا يرد أحدا فنزلت مشددة عليهم أمر المناجاة، وهذا الحكم قيل : نسخ قبل العمل به. وقال قتادة : عمل به ساعة من نهار. وقال مقاتل : عشرة أيام. وقال علي كرم الله وجهه : ما عمل به أحد غيري، أردت المناجاة ولي دينار فصرفته بعشرة دراهم، وناجيت عشر مرار أتصدق في كل مرة بدرهم، ثم ظهرت مشقة ذلك على الناس فنزلت الرخصة في ترك الصدقة. وقرئ ( صدقات ) بالجمع. وقال ابن عباس : هي منسوخة بالآية التي بعدها وقيل : بآية الزكاة.
المجادلة :( ١٣ ) أأشفقتم أن تقدموا.....
( أأشفقتم ( أخفتم من ذهاب المال في الصدقة، أو من العجز عن وجودها تتصدقون به. فإذا لم تفعلوا ما أمرتم به، وتاب الله عليكم عذركم، ورخص لكم في أن لا تفعلوا فلا تفرطوا في الصلاة والزكاة وأفعال الطاعات. وقرأ عياش


الصفحة التالية
Icon