" صفحة رقم ٢٤٥ "
الاستنباط : أن الشافعي، رحمه الله تعالى، قال : سلوني عما شئتم أخبركم به من كتاب الله تعالى وسنة النبي ( ﷺ ) ). فقال له عبد الله بن محمد بن هارون : ما تقول في المحرم يقتل الزنبور ؟ فقال : قال الله تعالى :) وَمَا ءاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ ). وحدثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة بن اليمان، قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ) :( اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر ). وحدثنا سفيان بن عيينة، عن مسعر بن كدام، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن عمر بن الخطاب، أنه أمر بقتل الزنبور. انتهى. ويعني في الإحرام. بين أنه يقتدي بعمر، وأن الرسول ( ﷺ ) ) أمر بالاقتداء به، وأن الله تعالى أمر بقبول ما يقول رسول الله ( ﷺ ) ).
قوله عز وجل :) لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ ).
الحشر :( ٨ ) للفقراء المهاجرين الذين.....
( لِلْفُقَرَاء (، قال الزمخشري : بدل من قوله :) وَلِذِى الْقُرْبَى (، والمعطوف عليه والذي منع الإبدال من ) لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ (، والمعطوف عليهما، وإن كان المعنى لرسول الله ( ﷺ ) )، أن الله عز وجل أخرج رسوله من الفقراء في قوله :) وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (، وأنه يترفع برسول الله ( ﷺ ) ) عن التسمية بالفقير، وأن الإبدال على ظاهر اللفظ من خلاف الواجب في تعظيم الله عز وعلا. انتهى. وإنما جعله الزمخشري بدلاً من قوله :) وَلِذِى الْقُرْبَى (، لأنه مذهب أبي حنيفة، والمعنى إنما يستحق ذو القربى الفقير. فالفقر شرط فيه على مذهب أبي حنيفة، ففسره الزمخشري على مذهبه. وأما الشافعي، فيرى أن سبب الاستحقاق هو القرابة، فيأخذ ذو القربى الغني لقرابته.
وقال ابن عطية :) لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ ( بيان لقوله :) وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ (، وكررت لام الجر لما كانت الأولى مجرورة باللام، ليبين بين الأغنياء منكم، أي ولكن يكون للفقراء. انتهى. ثم وصف تعالى المهاجرين بما يقتضي فقرهم ويوجب الإشفاق عليهم. ) أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ( : أي في إيمانهم وجهادهم قولاً وفعلاً.
الحشر :( ٩ ) والذين تبوؤوا الدار.....
والظاهر أن قوله :) وَالَّذِينَ ( معطوف على المهاجرين، وهم الأنصار، فيكون قد وقع بينهم الاشتراك فيما يقسم من الأموال. وقيل : هو مستأنف مرفوع بالابتداء، والخبر ) هَاؤُلاَء يُحِبُّونَ ). أثنى الله تعالى بهذه الخصال الجليلة، كما أنثى على المهاجرين بقوله :) يَبْتَغُونَ فَضْلاً ( الخ، والإيمان معطوف على الدار، وهي المدينة، والإيمان ليس مكاناً فيتبوأ. فقيل : هو من عطف الجمل، أي واعتقدوا الإيمان وأخلصوا فيه، قاله أبو عليّ، فيكون كقوله :
علفتها تبناً وماء بارداً
أو يكون ضمن ) تبوؤا ( معنى لزموا، واللزوم قدر مشترك في الدار والإيمان، فيصح العطف. أو لما كان الإيمان قد شملهم، صار كالمكان الذي يقيمون فيه، لكن يكون ذلك جمعاً بين الحقيقة والمجاز. قال الزمخشري : أو أراد دار الهجرة ودار الإيمان، فأقام لام التعريف في الدار مقام المضاف إليه، وحذف المضاف من دار الإيمان ووضع المضاف إليه


الصفحة التالية
Icon