" صفحة رقم ٢٤٧ "
نُطِيعُ فيكُمْ ( : أي في قتالكم، ( أَحَدًا ( : من الرسول والمؤمنين ؛ أو ) لا نُطِيعُ فيكُمْ ( : أي في خذلانكم وإخلاف ما وعدناكم من النصرة، و ) لَنَنصُرَنَّكُمْ ( : جواب قسم محذوف قبل أن الشرطية، وجواب أن محذوف، والكثير في كلام العرب إثبات اللام المؤذنة بالقسم قبل أداة الشرط، ومن حذفها قوله :) وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ (، التقدير : ولئن لم ينتهوا لكاذبون، أي في مواعيدهم لليهود، وفي ذلك دليل على صحة النبوة لأنه إخبار بالغيب، ولذلك لم يخرجوا حين أخرج بنو النضير، بل أقاموا في ديارهم، وهذا إذا كان قوله :) لإِخْوانِهِمْ ( أنهم بنو النضير. وقيل : هم يهود المدينة، والضمائر على هذين القولين. وقيل : فيها اختلاف، أي لئن أخرج اليهود لا يخرج المنافقون، ولئن قوتل اليهود لا ينصرهم المنافقون، ولئن نصر اليهود المنافقين ليولي اليهود الأدبار، وكأن صاحب هذا القول نظر إلى قوله :) وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ (، فقد أخبر أنهم لا ينصرونهم، فكيف يأتي ) وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ ( ؟ فأخرجه في حيز الإمكان، وقد أخبر أنهم لا ينصرونهم، فلا يمكن نصرهم إياهم بعد إخباره تعالى أنه لا يقع. وإذا كانت الضمائر متفقة، فقال الزمخشري : معناه ولئن نصروهم على الفرض، والتقدير كقوله :) لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ (، وكما يعلم ما لا يكون لو كان كيف يكون. وقال ابن عطية : معناه : ولئن خالفوا ذلك فإنهم ينهزمون. انتهى. والظاهر أن الضمير في ) لَيُوَلُّنَّ الاْدْبَارَ (، وفي ) ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ ( عائد على المفروض أنهم ينصرونهم، أي ولئن نصرهم المنافقون ليولن المنافقون الأدبار، ثم لا ينصر المنافقون. وقيل : الضمير في التولي عائد على اليهود، وكذا في ) لاَ يُنصَرُونَ ). قال ابن عطية : وجاءت الأفعال غير مجزومة في قوله :) لاَ يَخْرُجُونَ ( و ) لاَ يُنصَرُونَ ( لأنها راجعة على حكم القسم، لا على حكم الشرط، وفي هذا نظر. انتهى. وأي نظر في هذا ؟ وهذا جاء على القاعدة المتفق عليها من أنه إذا تقدم القسم على الشرط كان الجواب للقسم وحذف جواب الشرط، وكان فعله بصيغة المضي، أو مجزوماً بلم، وله شرط، وهو أن لا يتقدمه طالب خبر. واللام في ) لَئِنْ ( مؤذنة بقسم محذوف قبله، فالجواب له. وقد أجاز الفراء أن يجاب الشرط، وأن تقدم القسم، ورده عليه البصريون.
الحشر :( ١٣ ) لأنتم أشد رهبة.....
ثم خاطب المؤمنين بأن هؤلاء يخافونكم أشد خيفة من الله تعالى، لأنهم يتوقعون عاجل شركم، ولعدم إيمانهم لا يتوقعون أجل عذاب الله، وذلك لقلة فهمهم، ورهبة : مصدر رهب المبني للمفعول، كأنه قيل : أشد مرهوبية، فالرهبة واقعة منهم لا من المخاطبين، والمخاطبون مرهوبون، وهذا كما قال : فلهو أخوف عندي إذ أكلمه
وقيل إنك مأسور ومقتول
من ضيغم بثراء الأرض مخدره
ببطن عثر غيل دونه غيل
فالمخبر عنه مخوف لا خائف، والضمير في ) صُدُورُهُمْ ). قيل : لليهود، وقيل : للمنافقين، وقيل : للفريقين. وجعل المصدر مقراً للرهبة دليل على تمكنها منهم بحيث صارت الصدور مقراً لها، والمعنى : رهبتهم منكم أشد من رهبتهم من الله عز وجل.
الحشر :( ١٤ ) لا يقاتلونكم جميعا.....
( لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ ( : أي بنو النضير وجميع اليهود. وقيل : اليهود والمنافقون ) جَمِيعاً ( : أي مجتمعين متساندين يعضد بعضهم بعضاً، ( إِلاَّ فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ ( : لا في الصحراء لخوفهم منكم، وتحصينها بالدروب والخنادق، أو من وراء جدار يتسترون به من أن تصيبوهم. وقرأ الجمهور :) جُدُرٍ ( بضمتين، جمع جدار ؛ وأبو رجاء والحسن وابن وثاب : بإسكان الدال تخفيفاً، ورويت عن ابن كثير وعاصم والأعمش. وقرأ أبو عمرو وابن كثير وكثير من المكيين : جدار بالألف وكسر الجيم. وقرأ كثير من المكيين، وهارون عن ابن كثير : جدر بفتح الجيم وسكون الدال. قال صاحب اللوامح : وهو واخذ بلغة اليمن. وقال ابن عطية : ومعناه أصل بنيان كالسور ونحوه. قال : ويحتمل أن يكون من جدر النخل، أي من وراء نخلهم، إذ هي مما يتقى به عند المصافة. ) بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ( : أي إذا اقتتلوا بعضهم