" صفحة رقم ٢٧٠ "
يريد : أبسبع. وقال الزمخشري : وقرأ أبو جعفر : آستغفرت، إشباعاً لهمزة الاستفهام للإظهار والبيان، لا قلب همزة الوصل ألفاً كما في : آلسحر، وآلله. وقال ابن عطية : وقرأ أبو جعفر بن القعقاع : آستغفرت، بمدة على الهمزة، وهي ألف التسوية. وقرأ أيضاً : بوصل الألف دون همز على الخبر، وفي هذا كله ضعف، لأنه في الأولى أثبت همزة الوصل وقد أغنت عنها همزة الاستفهام، وفي الثانية حذف همزة الاستفهام وهو يريدها، وهذا مما لا يستعمل إلا في الشعر.
المنافقون :( ٧ ) هم الذين يقولون.....
( هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ ( : إشارة إلى ابن سلول ومن وافقه من قومه، سفه أحلامهم في أنهم ظنوا أن رزق المهاجرين بأيديهم، وما علموا أن ذلك بيد الله تعالى. ) لاَ تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ ( : إن كان الله تعالى حكى نص كلامهم، فقولهم :) عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ ( هو على سبيل الهزء، كقولهم :) وَقَالُواْ يأَيُّهَا الَّذِى نُزّلَ عَلَيْهِ الذّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (، أو لكونه جرى عندهم مجرى اللعب، أي هو معروف بإطلاق هذا اللفظ عليه، إذ لو كانوا مقرين برسالته ما صدر منهم ما صدر. فالظاهر أنهم لم ينطقوا بنفس ذلك اللفظ، ولكنه تعالى عبر بذلك عن رسوله ( ﷺ ) )، إكراماً له وإجلالاً. وقرأ الجمهور :) يَنفَضُّواْ ( : أي يتفرقوا عن الرسول ؛ والفضل بن عيسى : ينفضوا، من انفض القوم : فني طعامهم، فنفض الرجل وعاءه، والفعل من باب ما يعدى بغير الهمزة، وبالهمزة لا يتعدى. قال الزمخشري : وحقيقته حان لهم أن ينفضوا مزاودهم.
المنافقون :( ٨ ) يقولون لئن رجعنا.....
وقرأ الجمهور :) لَيُخْرِجَنَّ الاْعَزُّ مِنْهَا الاْذَلَّ ( : فالأعز فاعل، والأذل مفعول، وهو من كلام ابن سلول، كما تقدم. ويعني بالأعز : نفسه وأصحابه، وبالأذل : المؤمنين. والحسن وابن أبي عبلة والسبي في اختياره : لنخرجن بالنون، ونصب الأعز والأذل، فالأعز مفعول، والأذل حال. وقرأ الحسن، فيما ذكر أبو عمر والداني : لنخرجن، بنون الجماعة مفتوحة وضم الراء، ونصب الأعز على الاختصاص، كما قال : نحن العرب أقرى الناس للضيف ؛ ونصب الأذل على الحال، وحكى هذه القراءة أبو حاتم. وحكى الكسائي والفراء أن قوماً قرأوا : ليخرجن بالياء مفتوحة وضم الراء، فالفاعل الأعز، ونصب الأذل على الحال. وقرىء : مبنياً للمفعول وبالياء، الأعز مرفوع به، الأذل نصباً على الحال. ومجيء الحال بصورة المعرفة متأول عند البصريين، فما كان منها بأل فعلى زيادتها، لا أنها معرفة.
ولما سمع عبد الله، ولد عبد الله بن أبي هذه الآية، جاء إلى أبيه فقال : أنت والله يا أبت الذليل، ورسول الله ( ﷺ ) ) العزيز. فلما دنا من المدينة، جرد السيف عليه ومنعه الدخول حتى يأذن له رسول الله ( ﷺ ) )، وكان فيما قال له : وراءك لا تدخلها حتى تقول رسول الله ( ﷺ ) ) الأعز وأنا الأذل، فلم يزل حبيساً في يده حتى أذن له رسول الله ( ﷺ ) ) بتخليته. وفي هذا الحديث أنه قال لأبيه : لئن لم تشهد لله ولرسوله بالعزة لأضربن عنقك، قال : أفاعل أنت ؟ قال : نعم، فقال : أشهد أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين. وقيل للحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما : أن فيك تيهاً، فقال : ليس بتيه ولكنه عزة، وتلا هذه الآية.
المنافقون :( ٩ ) يا أيها الذين.....
( لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ ( بالسعي في نمائها والتلذذ بجمعها، ( وَلاَ أَوْلَادُكُمْ ( بسروركم بهم وبالنظر في مصالحهم في حياتكم وبعد مماتكم، ( عَن ذِكْرِ اللَّهِ ( : هو عام في الصلاة والثناء على الله تعالى بالتسبيح والتحميد وغير ذلك والدعاء. وقال نحواً منه الحسن وجماعة. وقال الضحاك وعطاء : أكد هنا الصلاة المكتوبة. وقال الحسن أيضاً : جميع الفرائض. وقال الكلبي : الجهاد مع رسول الله ( ﷺ ) ). وقيل : القرآن. ) وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ ( : أي الشغل عن ذكر الله بالمال والولد، ( فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (، حيث آثروا العاجل على الآجل، والفاني على الباقي.
المنافقون :( ١٠ ) وأنفقوا من ما.....
( وَأَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ (، قال الجمهور : المراد الزكاة. وقيل : عام في المفروض والمندوب. وعن ابن عباس : نزلت في مانعي الزكاة، والله لو رأى خيراً ما سأل الرجعة، فقيل له : أما تتقي الله ؟ يسأل المؤمنون الكرة، قال : نعم أنا أقرأ عليكم به قرآناً، يعني أنها نزلت في المؤمنين، وهم المخاطبون بها. ) لَوْلا أَخَّرْتَنِى ( : أي هلا أخرت موتي إلى زمان قليل ؟ وقرأ الجمهور : فأصّدّق، وهو منصوب على جواب الرغبة ؛ وأبي وعبد الله وابن جبير : فأتصدق على الأصل. وقرأ جمهور السبعة :) وَأَكُن ( مجزوماً. قال الزمخشري :) وَأَكُن ( بالجزم عطفاً على محل ) فَأَصَّدَّقَ (، كأنه قيل : إن أخرتني أصدق وأكن. انتهى. وقال ابن عطية : عطفاً على الموضع، لأن التقدير : إن


الصفحة التالية
Icon